آن للبناننا أن يستريح .. وآن للبنانيين أن يستقروا
وكفى نرمي بمشاكلنا وأزماتنا على الآخرين، كلّ الآخرين، قوى أو دول خارجية كانوا ، أو حتى آخرين من طبقة سياسية متحكمة برقابنا ويتنفسون من رئة تخاذلنا وبما جنته أيدينا .
فلا يحتاج حجم الخطر المحدق بالوطن في هذه اللحظة إلى كثير كلام، أو حتى إلى مجرد نقاش، فالكل مجمع أنّ الأيام الآتية مليئة بالغيوم السوداء وتحمل معها مطراً أسوداً وتنبئ بزرعٍ أسود لن يكون حصاده إلا موج كالجبال ، وظلمات تعلوها ظلمات ورياح صرصر تقتلع ما تبقى من حياة في بلدنا الحزين .
قدام هذا المشهد الخارج علينا من غياهب الكهوف العفنة، ومن أعماق العقول المتخلفة والقلوب المقفلة ، يتساءل واحدنا : ما العمل ؟؟ وهل يمكن لمواطنين عاديين أمثالنا أن يساهموا في إبعاد الشبح الآتي ؟
وعلى أعتاب هذا السؤال الكبير لا يوجد إلا إجابتين إثنتين، واحدة سلبية ، تقول أنّ الحريق المهدد لنا لا قِبَل لنا به ، ولا إمكانية لصدّه أو التخفيف من شروره ، وبالتالي فإنّ من مترتبات الإجابة الأولى هو الإستسلام والخنوع والإنتظار أو بأضعف الإيمان نستمر بمَ نحن عليه من تسجيل إعتراضنا ومواقفنا على صفحاتنا الفيسبوكية، أو في مقالاتنا وسهراتنا وداخل منازلنا ، وهذا أيضا لا يسمى إلا خنوعاً ولكن من النوع الحديث .
وأما الإجابة الثانية عن سؤال ، ما العمل ، فلا أدّعي أنا أو غيري أنّنا نمتلك الإجابة الشافية أو أنّ في جعبتنا تعويذة جاهزة تطرد شرّ السحرة المتربصين بنا .
إلاّ أننا قررنا أن نحاول ، قررنا أنّ الإستسلام للخطر وللفتنة المذهبية وللشرذمة الوطنية ولسياسات البغض والكراهية وكم الأفواه والتخوين ، هو مساهمة منّا عن غيرقصد ، بتدمير وطننا الذي نحب ، ونحن حتماً لا ولن نكون في مثل هذا المطرح .
ومن هنا بالذات فإنّنا نعتبر أنّ التداعي لوقفة الأربعاء في ساحة رياض الصلح هي محاولة لإرضاء أنفسنا أولاً، وليسجل كل واحد فينا موقفا للتاريخ وأمام الأجيال التي ستلعن كل من ساهم ويساهم في جرّ النيران إلى قرصنا ، فنسعى ألا نكون من أولئك الملعونين .
سنقول الأربعاء أنّنا لبنانيون قبل كل شيء ، سنقول أن اللبنانيين إخوة في المواطنة ، سنصرخ ، إنّ دم اللبناني على اللبناني حرام وكذلك ماله وعرضه وعقله ومعتقده وحريته ورأيه وطقوسه وإيمانه وإلحاده وحاضره ومستقبله ،
سنقول أنّنا مختلفون كما كل شعوب الأرض، وأنّنا قادرون أن ندير إختلافاتنا ككلّ الشعوب المتحضرة بلا إقتتال ولا تخوين ،
سنقول أنّ الدولة اللبنانية المحضونة من الجميع هي الدولة القوية والقادرة التي تحمينا .
سنقول أنّ الشيعة اللبنانيين يجب أن يكونوا جزءاً من مكونات الوطن، يحمونه لا يحتمون به .
سنقول لإخواننا بحزب الله بكلّ محبة ما قلناه لهم منذ اندلاع الأحداث في سوريا، إنّ دخولكم كطرف في الأزمة لا يخدم لبنان ولا يخدم خيار المقاومة .
سنقول إنّ الوحدة الوطنية هي أفضل وجوه محاربة التكفيرين كما كانت أفضل وجوه مقاومة العدو الصهيوني وستبقى أفضل وجوه محاربة أي عدو للبنان .
سنقول الأربعاء أنّ كلمة " لا" في وجه الفتنة وفي وجه قمع الحريات وفي وجه الإستبداد ، هو أفضل الجهاد .