مئة وخمسون قتيلاً لقوا مصرعهم يوم الأربعاء في محافظة إدلب شمالي سوريا، حوالى 20 منهم من أهالي قرية قلب لوزة في جبل السماق، قضوا على يد "جبهة النصرة"، وأكثر من مئة قضوا بقصف النظام السوري لمناطق المدنيين. سيطر خبر ما جرى بين "النصرة" والدروز في قلب لوزة على كل المجازر التي ارتكبها نظام الأسد في اليوم نفسه. وبالتوازي، فقد كان الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية بشخص رئيسه خالد خوجة، يتابع عن كثب كيفية معالجة ذيول تلك الحادثة.
أجرى خوجة اتصالات كثيفة مع مختلف القوى والأفرقاء في سوريا ولبنان لرأب الصدع، وتطويق أي إشكال. ويؤكد خوجة لـ"المدن" أن كل الجهود تنصب لتأمين حماية كل أبناء الشعب السوري الآن وفي المستقبل، وعليه يشير الى إنه لا فرق بين أبناء الطائفة الدرزية ولا بين أي مكون آخر من مكونات الشعب السوري. ويقول:" الموحدون الدروز في منطقة ادلب كانوا أهم حاضنة شعبية للثورة منذ انطلاقتها، وهم من دعم الجيش الحر، لكن دخول جبهة النصرة على الخط حاول التعكير على هذه العلاقة، خصوصاً أنه قبل الممارسات التي اقترفتها النصرة بحق الدروز فقد اقترفتها بحق السنة الذين ينتمون الى الجيش الحر واتهمتهم بالخيانة والارتهان، وفرضت عليهم نمط حياة مغاير لحياتهم، وما جرى مع السنة في إدلب سرى على الموحدين الدروز كما على غيرهم".
ويشير خوجة الى العمل بشكل جدي من أجل إيجاد حلّ جذري لهذه الممارسات، وهي بدأت عبر التدخل المباشر من قبل المجالس المحلية والفصائل الثورية لحماية الدروز في مناطقهم، كاشفاً عن تشكيل لجنة مشتركة بين الفصائل والموحدين لحل كل المشاكل ولعدم ترك المجال لأي طرف لاستغلال أمور كهذه.
ومن الحديث عن حادثة ادلب ينتقل خوجة الى ما يجري في السويداء، معتبراً أن هناك تنسيقاً لترتيب الوضع بين السويداء ودرعا، ويشير الى السعي لتشكيل لجنة مشتركة بين أبناء درعا وأبناء السويداء لترتيب كل المشاكل ومعالجة أي ذيول لها. وهنا يشير خوجة إلى أن النظام يستمر في محاولاته لزرع الفتنة والشقاق بين الدروز والسنة في الجنوب السوري، وآخر محاولاته افساح المجال امام تنظيم داعش للدخول الى المنطقة.
يكثف الإئتلاف من حراكه الخارجي، ويجري محاولات لنسج علاقات داخلية وخارجية لتحضير المناخ المناسب لمرحلة ما بعد الأسد، ويؤكد خوجة أن هناك بوادر أصبحت واضحة لدى الجميع بأن النظام السوري ينهار من الداخل. وأمام ذلك، فإن الرؤية الدولية بدأت تتغير منذ خمسة أشهر، بعد الانهيارات التي مني بها النظام في الشمال والجنوب، وبعد بروز أطراف معارضة تستطيع ضبط الأوضاع في المناطق المحررة. وهذا ما يجري العمل عليه عبر تعزيز المجالس المحلية لحماية تلك المناطق وتعزيز الجيش الحر وإنشاء شرطة عسكرية لضبط الأمن، لأن النجاح في إدارة هذه المناطق يكون مؤشراً ايجابياً لمرحلة ما بعد الأسد.
ولا يتوقع خوجة أن تكون سرعة انهيار النظام في دمشق كما كانت في الشمال والجنوب، لكنه يكشف عن اتصالات وتنسيق بين مختلف القوى الثورية العسكرية لتشكيل قوة موحدة تحت قيادة موحدة تضم الجميع، وبدأت هذه الخطوة بحل المجلس العسكري بهدف انشاء مجلس جديد يضم الجميع، مشيراً الى أن ذلك بدأ عبر التنسيق بين "جيش الاسلام" و"الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام" و"فيلق الرحمن" مع "الجبهة الجنوبية"، بالاضافة الى التنسيق بين كل القوى في الشمال السوري، ويؤكد خوجة أن هذا المجلس أصبح قريب الولادة، أما عن مدى قبول جبهة النصرة بمجلس كهذا فيشير إلى أن حجم النصرة الإعلامي أكبر من الفعلي، وهي غير موجودة في الجنوب وغير موجودة في حلب، بينما وجودها في ادلب يشكل عشرين بالمئة من "جيش الفتح"، وبالتالي هناك واقع لا يمكن للنصرة تخطيه.
يشير خوجة الى أن النظام بات مدركاً لنهايته المحتمة كما كل الدول، ولذلك هو يلجأ الى السعي إلى قلب الطاولة على الجميع عبر استقدام "داعش"، وهذا ما جرى بشكل فاضح في السويداء، وحلب، وحمص؛ والآن يسعى الى إدخالها الى الغوطة، معتبراً أن التنسيق يجري بين الجميع لمنع حصول ذلك.
الجميع بات يتعاطى مع حقيقة أن النظام أصبح بحكم المنتهي، معتبراً أن عملهم الآن يتركز على مرحلة ما بعد النظام، وقد بدأ ذلك من خلال فتح مسار مع مختلف مكونات المعارضة، ومن بينهم المعارضة الداخلية، ويجري التباحث والتنسيق بينهم للتحضير للمرحلة الإنتقالية، ومن أجل حماية كل مكونات الشعب السوري بكل أطيافه العرقية والمذهبية، مشيراً الى التنسيق مع كل الدول في هذا المجال، كما مع المنظمات الدولية والأمم المتحدة لتوفير عودة آمنة للنازحين إلى المناطق المحررة، بالإضافة الى البحث في مجالات إعادة الإعمار.