إن عدد لا يستهان به من طلاب لبنان ، لم يتقدم للشهادة هذا العام ، مع أنه حضّر كغيره من الرفاق وربما أكثر ، هذا العدد الذي استطعنا توثيق البعض منه بالأسماء ، لم يتمكن أهله من تسديد القسط ، الأمر الذي جعل المدارس الخاصة المعنية ، تمتنع عن تسليمه البطاقة ، وبالتالي يجلس في البيت في الوقت الذي يتقدم به أصدقائه .
هذا الجشع الذي اعتمدته المدارس الخاصة في لبنان ، فاق كل الحدود ، لتتغير السياسة من تربوية وتعليمية إلى مادية بحتة ...
فهذه المدارس التي ترفع لواء العلم ، فضلت الأموال (الأقساط المتأخرة) على مستقبل طلاب الشهادات ، وبلا ضميرية المربي ، لم تفرج عن بطاقات التسجيل لينحرم العديد من حقهم في تقديم الشهادة ...
الوزير بو صعب استدرك الأمر ، ويبدو أنه وثق شريحة وفئة واسعة من الطلاب ، وقعت في ظلم مدارسها ، فطالب من لم تمنحه المدرسة البطاقة أن يتجه للوزارة ليأخذها ، الأمر الذي يدل على الهامش الكبير للمشكلة وعلى نسبة لا يستهان بها تمكن الوزير من رصدها ، قرار بو صعب أنصف بعض الطلاب ، الذين لم يقدموا امتحاناتهم بعد ، لنتساءل هنا (ومع تقديرنا لقرار الوزير الذي راعى به العديد مع العائلات) ، ما ذنب من حرمته الهيئة التعليمية المادية من حقه أن يكون متقدماً للشهادة ، ومن يعوض الضرر النفسي والمعنوي والإحباط الذي عانى منه الطلاب و ذويهم ...
وهنا ، ومن عشمنا بوزير التربية ، نطالبه بإتخاذ إجراء صارم بحق كل مدرسة "سجنت" البطاقات ، فعندما يتحول الصرح التعليمي لمؤسسة تجارية ، نقول حينها " على الدنيا السلام" ...
وللأسف ومن باب المقاربة ، يبدو أن أكثر القطاعات حيوية وإنسانية في لبنان ، غلبتها المادة والهيمنة الإقتصادية ...
فمن مهنة الطب التي قال نقيبها " ما تتحكموا عنا" ، للقطاع التعليمي الذي مارس الهيمنة المادية على الطلاب حارماً إياهم الحق في شهادتهم ، ندق ناقوس الخطر ...