ليلى هي فتاة جميلة كانت تمرح وتسرح كلما راق لها المرح إذا ما أرادت ذلك ، جميلة هي بجمال وجهها المشرق ، وجمال فمها أنه أرجواني قاني ، يغنَّي أمام قفص عصفورها أنشودة السعادة والحياة ، يداها بيضاوتان تقطف بهما أزهار الربيع...
كانت جميلة الخُلُق ، طيبة النفس، نقية الضمير ، تحب الحياة، وحياة الأحياء جميعهم ، ناطقهم وصامتهم، ليلى الجميلة هي تلك الديمقراطية التي تعرَّف عليها المواطن العربي مع توافد المستعمرِّ الغربي ، والذي ما زال كثيرون يتمنى عودة المستعمر، بعد أن ذاقوا مرارة الحكم في بلادهم الإسلامية والعربية ... والذئب هو تلك الجماعات الدينية والأحزاب الإسلامية التي إستولت وقضت على الديمقراطية الجميلة، وسيطرت على مفاصل المجتمع ، وتغلغل فكرها الديني في عقول الناس ، وفشلت الدول والشعوب العربية في تحدِّي هذا الفكر الخطير، وفشلت في إمتحان الديمقراطية الغربية، وفي مجال التقدم الحضاري، وأخذت تتعرَّض أكثر إفتراساً على يد الجماعات الدينية ، وضحاياه تتزايد أكثر فأكثر ، وآخره ما يحدث اليوم في عالمنا العربي والإسلامي، من سوريا إلى العراق واليمن ومروراً بالبحرين .
ولعلّ هذا الإفتراس والمأساة قد يتكرَّر في معظم الدول العربية والإسلامية ، ما لم تتدارك الأنظمة السياسية خطورة الحجم في إنتشار وتوسيع رقعة الحركات والجماعات الدينية والإسلامية كافة تحت أي مسمَّى ديني وإسلامي من إمارةٍ إلى ولايةٍ، ترفع شعارات سماوية دينية ، بتحجيمها وتقليصها ومنعها من السيطرة على مراكز السلطة والقرار ، كما تشوِّه الحياة المدنية والتعليم المدني تحت شعار الأسلمة والأدينة، وفي ظل هذه الإستكانة العربية وخنوع الشعوب العربية أمام ما يجري في بعض الدول العربية ، دون أخرى ، لا يبقى مجال للقضاء على هذا الذئب المفترس والمتوحش، إلاَّ بالجهد الدولي الذي يديره النظام الديمقراطي الغربي المستعمرِّ...
وما نشهده اليوم في عالمنا العربي والإسلامي يشبه إلى حدٍّ كبير عالم الحيوان حينما يمسك الذئب أو الأسد فريستهما مدَّة طويلة من الزمن قبل أن يقضي عليها وتموت، وهكذا سنبقى نعيش في عالمنا العربي والإسلامي إذا لم تتحرَّك الجهود مجتمعة عربية وغربية لإنقاذ ليلى الجميلة من براثن الذئب ، وإلاَّ في كل يوم تمرُّ قوافل الموتى فلا نأبه لها، وأفضل ما يصيبها منا ، وأكبر نصيبها فقط وفقط هو الحوقلة والإسترجاع ، ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله العلي العظيم .