لم تنجح هجمات تنظيم «داعش»، طوال يوم أمس، بالسيطرة على مواقع حزب الله المنتشرة في أقصى الشمال الشرقي لجرود بلدتي راس بعلبك والقاع اللبنانيتين، والمشرفة على منطقة جوسيه جنوب مدينة القصير السورية. وبدل أن تكون خطوة التنظيم الإرهابي استباقاً لهجوم يعدّه حزب الله والجيش السوري لتطهير ما بقي من جرود القلمون تحت سيطرة «داعش»، بعد هزائم إرهابيي «تنظيم القاعدة في بلاد الشام ـــ جبهة النصرة» في جرود عرسال، تؤكّد مصادر ميدانية معنية أن «خطوة داعش سرّعت في الهجوم الذي تحدّث عنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، على مواقع التنظيم لتطهير كامل القلمون من إرهابيي النصرة وداعش».
هجوم «داعش» بدأ مع الفجر عندما وقع المهاجمون في تشريكة عبوات، وتكرر على مدى ساعات الصباح حتى الظهر، بأعداد كبيرة من الإرهابيين لانتزاع أكثر من 8 نقاط من يد المقاومة، ومنها تلة «المذبحة» و«قرنة السمرمر» و«جب الجراد» و«تلة الزويتينة» بين جرود راس بعلبك والقاع، التي تبعد 14 كلم عن راس بعلبك، حيث دارت اشتباكات عنيفة مع عناصر الحماية من مقاتلي حزب الله، وسقط للمهاجمين أكثر من 50 قتيلاً تمكّن المقاومون من سحب 14 جثة منهم، وتدمير خمس سيارات تحمل رشاشات متوسطة، في مقابل استشهاد 9 مقاومين.
فشل إرهابيي «داعش» في الهجوم المباغت دفع مقاتلي المقاومة إلى اللحاق بهم ومطاردتهم، واستهداف خطوط انسحابهم وإمدادهم بالقذائف المدفعية وراجمات الصواريخ. واستهدف القصف الصاروخي للمقاومة تجمعات «داعش» في شعبة المحبس شرق جرود عرسال، ما أدى إلى مقتل القيادي في التنظيم السعودي وليد عبد المحسن العمري الملقب بـ«أبي الوليد». وعرف من قتلى قياديي التنظيم: طلال يحيى حمادة، أحمد حسين عرابي، أسامة النداف وهاشم محمد اللحاف.
بدوره شنّ الطيران الحربي السوري ثلاث غارات على تجمعات وتحركات الإرهابيين في جرود النعمات المطلة على مشاريع القاع، فيما استنفر الجيش اللبناني منذ الصباح الباكر نقاطه ومواقعه على امتداد السلسلة الشرقية من جرود عرسال إلى الفاكهة ورأس بعلبك والقاع، واستهدفت مرابض مدفعيته تحركات المسلحين في جرود راس بعلبك والقاع.
الهجوم يعيد الحديث عن
نيّة «داعش» الوصول إلى الشمال اللبناني عبر القصير
وليلاً أعلنت المقاومة تدمير آليتين لـ «داعش» في «وادي الكهف» و«وادي الزويتينة» وقتل من فيهما.
مصادر مقرّبة من التنظيم الإرهابي في عرسال أشارت لـ«الأخبار» إلى أن «الهجوم شُنّ على مراكز الحزب بعدما استُهدف رتل للدولة الإسلامية كان يحاول أن يدخل عرسال ومعهم جرحى من ناحية جرد فليطا». وأكدت المصادر أن «المواجهات انتهت، لكن احتمال تجددها وارد في كل لحظة».
وأشيع أن الحشود والمعارك التي بدأها التنظيم تهدف إلى «محاصرة القصير ومحاولة استعادتها»، بالتوازي مع شائعات غير صحيحة عن تمكّن الإرهابيين من السيطرة على أجزاء من المدينة الصناعية في بلدة الحسياء، وعدة حواجز في محيط جوسيه ومشاريع القاع ليُصبح التنظيم على بُعد عدة كيلومترات من القصير.
ويعيد هجوم «داعش» على مواقع المقاومة في جرود القلمون الشمالية الحديث عن نيّة التنظيم الهجوم على مدينة القصير للوصول إلى الشمال اللبناني للحصول على ممرّ بحري من البادية، إذ تسمح سيطرة التنظيم على مواقع المقاومة بتهديد جوسيه وتشكيل أرضية ميدانية لوصل مواقع التنظيم في القريتين ومهين المفتوحة على البادية، بالداخل اللبناني عبر جنوب القصير ووادي خالد.
وتجدر الإشارة إلى أن المنطقة التي يوجد فيها إرهابيو «داعش» تمتد من جرود عرسال وخطوط «التماس» مع إرهابيي «النصرة» في خربة يونين ومعبر الزمراني، إلى مناطق غالبيتها مكشوفة على مواقع المقاومة الجديدة في جرود عرسال، منها «وادي العجرم» و«صفا الأقرع» و«طاحون الهوا»، وصولاً حتى «تنية الفاكهة» و«وادي حوّرتا» وجرود راس بعلبك والقاع. ومن أبرز المواقع لدى «داعش»: تلة حقاب الكاف التي بدأ منها هجوم أمس، وتربط جرود عرسال بجرود رأس بعلبك فجرود الجراجير، بجرود حليمة قارة السورية، ومواقع أخرى في كل من أودية ميرا والفرا، والمير علي، ووادي مرطبيه، ووادي طويل، المعروف لدى العراسلة باسم «وادي أم الجماعة» بين جرود عرسال وقارة السورية.
وفي السياق، أشارت مصادر ميدانية لـ«الأخبار» إلى أن المناطق التي لا تزال مع مسلحي «النصرة» في جرود عرسال هي وادي الخيل، الذي يضمّ مشفى ميدانياً. ومن الأماكن التي ما زالت تعتمد عليها «النصرة» وادي العويني ووادي الكرّيت (عبارة عن واد متعرج وسحيق يقع شمال سهل الرهوة)، وشعبة الحصن، وصولاً حتى وادي الحقبان المعروف بوعورة طبيعته الجغرافية، فضلاً عن منطقة «ضهر الهوّة» التي تتحكم بمفاصل أساسية من وادي الخيل ووادي العويني وتلة الحصن.
انتهاكات اسرائيلية واحتلال جديد في شبعا
بدأ جيش العدو الإسرائيلي، الأسبوع الفائت، شق طريق عسكرية تربط بين موقعي رويسة العلم وجبل السدانة في مزارع شبعا المحتلة. والطريق تقع ضمن مناطق محتلة، ما يخالف بنود القرار 1701 الذي يمنع تغيير معالم الأرض المحتلة أو المحتحفظ عليها. اللافت أن قائد اليونيفيل الجنرال باولو بورتولانو علم متأخراً بشق الطريق. قصد تل أبيب لمقابلة ضباط العدو يوم الجمعة الفائت، طالباً وقف الأشغال وهو ما حصل. ويعود سبب عدم علمه بالأمر إلى عدم تبلغه به من قبل جهاز الإرتباط التابع لليونيفيل المكلف برصد الأحداث على الحدود. نهاية الأسبوع، غادر بورتولانو إلى إيطاليا لقضاء إجازة. يوم الإثنين، قام العدو بتسييج ما تم شقه من الطريق العسكرية بالأسلاك الشائكة. مع ذلك، اقتصر تعليق الناطق الإعلامي باسم قيادة اليونيفيل أندريا تيننتي على الإعتداء الإسرائيلي الجديد بأن اليونيفيل «تراقب الأشغال وعلى دراية بالوضع وتقوم باتصالات مع الأطراف للنظر في الوضع مع التركيز على إرساء الإستقرار في المنطقة وضمان استمرار احترام الخط الأزرق والحفاظ على الهدوء في المنطقة». رفضاً للإحتلال الجديد، توجه النائب قاسم هاشم وعدد من أهالي شبعا نحو الطريق، وقاموا برفع العلم اللبناني عليه. بالتزامن، انتشرت قوة مشاة معادية مدعومة بآليات مدرعة، على طول الحدود مع مزارع شبعا من رويسة العلم حتى جبل السدانة.على صعيد متصل، اجتازت قوة معادية أخرى الشريط التقني صباح أمس قبالة منتزهات الوزاني ووصلت حتى تخوم ضفة النهر، منتهكة المناطق المتحفظ عليها لبنانياً.