من يشارك في المؤتمر العام الثالث الذي عقدته هيئة العلماء المسلمين في أوتيل كورال سويت ويستمع إلى كلمات علماء الهيئة وكلمة مفتي جبل لبنان الشيخ الدكتور محمد علي الجوزو يخلص إلى نتيجة واضحة :
أنّ الأزمة بين المسلمين وصلت إلى مرحلة خطيرة جداً، ففي هذا المؤتمر تحدث علماء الهيئة عن مظلومية أهل السنة وعن وجود مؤامرة أميركية – إسرائيلية – إيرانية لإستهداف الأكثرية السنية في المنطقة وعن وجوب تشكيل حلف سني من الدول العربية وتركيا وباكستان لمواجهة الخطر الإيراني وهو خطر يتقدم على الخطر الصهيوني ، وإحتلال اسرائيل لفلسطين ، وأنّه يجب مواجهة إيران وحزب الله أولاً ومن ثم تتم مواجهة اسرائيل ، وأنّ هناك مشروع صفوي يستهدف أهل السنة.
هذه هي بعض المقولات التي رفعت في المؤتمر ، في حين أنّ الحديث عن خطر تنظيم داعش وبوكو حرام وما يجري من معارك ومذابح في العالم العربي والإسلامي وعمليات تشويه صورة الإسلام والمسلمين لم يأخذ سوى قسم بسيط من إهتمام علماء الهيئة.
إذن نحن أمام معركة قاسية ستخوضها هيئة العلماء ضد إيران وحزب الله ولم يعد أمام الهيئة أيّة قضايا أخرى لها الأولوية ، وبالمقابل فإنّ حزب الله وإيران وحلفاؤهما يخوضون معركة قاسية ضد تنظيم داعش وجبهة النصرة ، وكل ذلك يؤكد أننا سنكون في المرحلة المقبلة أمام معركة قاسية بين المسلمين في حين ينعم أعداء العرب والمسلمين وفي مقدمهم العدو الصهيوني بالهدوء والراحة ، والعلاقة بين بعض الدول العربية الكبرى وفي مقدمها السعودية والكيان الصهيوني أصبحت علنية وهي تتقدم وتتحسن من أجل مواجهة الخطر الإيراني والصفوي والمجوسي.
لن أدافع الآن عن أخطاء حزب الله وإيران في المنطقة وأنا من الذين يؤكدون دوماً أنّ على الحزب وإيران مراجعة سياساتهما في المنطقة والبحث عن تسوية عادلة مع بقية الشركاء العرب والمسلمين في المنطقة، لكن هل هذا الخطاب الذي قدمته هيئة العلماء المسلمين في مؤتمرها الأخير سيساهم في الحوار بين المسلمين من أجل حلّ كل المشاكل القائمة، أم أنّ هذا الخطاب سيؤجج أجواء التحريض المذهبي وسيساهم في انتشار التطرف والعنف في المنطقة.
قد يكون من مصلحة هيئة العلماء تبني خطابا متشدداً من أجل تأكيد دورها الشعبي والسياسي في الساحة الإسلامية وللرد على الإشكالات التي واجهتها في الأشهر الماضية ، لكن هذا الخطاب لا يخدم الهيئة في دفاعها عن مصالح الإسلام والمسلمين بل سيكون له تداعيات خطيرة ، فما هكذا تورد الإبل يا هيئة العلماء!
وليس بهذا الخطاب الحاد نصل إلى حلول عملية لمعالجة قضايانا الإسلامية والوطنية والعربية .