واصل العماد ميشال عون سياسة التلويح بالشارع عبر استقبال وفود اهلية في الرابية بعدما غاب المشهد طويلا عن مقر اقامته، وفي رسالة غير مباشرة عاود الحديث عن الاقتراع بالاقدام على مثال العامين 1988 و 1989، في اشارة الى امكان القيام بتحركات شعبية بعدما فشلت سياسة الضغط على الحكومة والتهديد بفرطها، اذ ووجه برفض مطلق لهذه المغامرة من داخل فريقه السياسي، خصوصا من الرئيس نبيه بري الذي اعتبر ان انسحاب الوزيرين ممثلي التيار الوطني الحر من الحكومة لا يلغي ميثاقيتها ولا يدفع بها الى الاستقالة.
وقال مصدر وزاري لـ"النهار" ان ما يجري من استعراضات لا يلغي الفشل في اسقاط الحكومة، وان كان التعطيل سيسري، فان ثمة مخارج اعدت لاستمرار العمل الحكومي وتلبية مطالب الناس وتسيير شؤونهم، لانه اذا كان من فتوى توافرت لتسيير المرفق العام، فكيف لا تسري على الحكومة وهي المرفق العام الاول، خصوصا في ظل الشغور في رئاسة الجمهورية، وتعطيل دور مجلس النواب. ورجح المصدر ان يتم تفكيك لغم اجتماع الحكومة للخميس المقبل، وان يظل البحث في موضوع تعيين قائد للجيش مفتوحا الى جلسات مقبلة، لان الضغط الامني في عرسال ومحيطها، وعلى الحدود الشرقية للبنان، يمنع التعطيل حاليا، فالجيش يحتاج الى غطاء سياسي ومتابعة حثيثة لتحركاته في مواجهة الارهابيين الذين انتشرت اخبار انهم بدأوا باللجوء الى عرسال، وانهم نقلوا معهم العسكريين المخطوفين. وهذه المستجدات تتطلب فاعلية اكبر في العمل الحكومي لان التعامل معها بعدم جدية يمكن ان يؤدي الى عواقب وخيمة لا يقدر اي طرف سياسي ان يتحملها.
واعتبر وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس ان "ما يظهر حتى الآن لا يدعو الى التفاؤل، فوزراء "التيار" و"حزب الله" سيمنعون البحث في جدول الاعمال الى حين اقرار التعيينات". واذ لفت الى ان "الرئيس تمام سلام سيعتمد كما العادة سياسة الاستيعاب والنفس الطويل"، قال لـ"المركزية" ان من يثيرون الفوضى في الحكومة، سيستفيقون بعد عدد من الجلسات، فهناك قروض كبيرة ومساعدات وهبات ورواتب لموظفي القطاع العام ونقل من الاحتياطي العام، وكل ذلك يحتاج الى عمل حكومي، فليتحمل الجميع مسؤولياته والا فاننا سنرمي هذه الكرة في وجه المعطلين وليحاسبهم الرأي العام"، واشار الى ان "حزب الله" لا يريد التفريط بالحكومة، وخطاب أمينه العام الجمعة حمل في العمق تهدئة واضحة".
وتوقعت مصادر مطلعة ان يخصص تكتل التغيير والاصلاح اجتماعه الثلثاء المقبل للبحث في الالية الواجب اتباعها بالنسبة الى طريقة تعامل وزيريه داخل الحكومة، خصوصا ان ملامح حراك بدأت تلوح لمواجهة "التعطيل" العوني الحكومي، عبّر عنها الوزير بطرس حرب في اعقاب اجتماع "اللقاء التشاوري" بالقول انه يتوجب تغيير الية العمل المتفق عليها في الحكومة ". وسيزور وفد من اللقاء قريبا الرئيس تمام سلام للتشاور معه في هذا الشأن بما يمنع على اي فريق او جهة سياسية تعطيل الحكومة وشل عملها.
العسكريون ومخطوفون جدد
واذا كانت الازمة الحكومية تحتل حيزا واسعا من الاهتمام، فان تداعيات الوضع الامني تعود لتفرض نفسها على ارض الواقع. فمع الاخبار عن بدء دخول مقاتلي "جبهة النصرة" الفارين الى عرسال عبر بوابة مخيمات اللاجئين السوريين في البلدة، برز خوف كبير لدى عدد من الاهالي من ان يتحولوا دروعا بشرية وينضموا الى العسكريين المخطوفين في حال قرر الجيش دخول بلدة عرسال للقبض على المسلحين، وفرض سلطة الدولة على البلدة. ومع اخبار شائعات عن نقل العسكريين المخطوفين لدى "النصرة" الى عرسال، عادت الاسئلة عن مسار التفاوض من اجل اطلاقهم، وما اذا كانت ستزداد تعقيدا.
وقد سأل نظام مغيط شقيق المعاون الاسير ابرهيم مغيط، الحكومة اللبنانية "اين العسكريين المخطوفين وهل الأهالي والأسرى من سيدفعون ثمن المغامرة والغاء دور الدولة"؟ وقال باسم الاهالي "ما مصير العسكريين المخطوفين بعد معركة الجرود وبعد التخبط الداخلي؟ وهل اصبحت الكراسي والمناصب أغلى من الأرواح"؟ وختم مغيط "نستصرخ ضمائركم اذا ما تبقى احد يملك ضميرا وطنيا".
على صعيد آخر، عزز فوج المجوقل في الجيش اللبناني تمركزه في جرود بلدتي القاع والفاكهة في البقاع الشمالي بهدف منع اي تسلل في اتجاه الاراضي اللبنانية وحفظ سلامة ابناء هذه القرى. أما في مواجهات القلمون بين "حزب الله" وجيش الفتح، فأفادت قناة "المنار" عن سيطرة الجيش السوري وحزب الله على تلة صدر البستان الشمالية الواقعة شمال جبل الثلاجة والمشرفة في شكل مباشر على جرود الجراجير التي يسيطر عليها تنظيم "داعش"، بعد معارك قتل خلالها عشرات المسلحين. كما أشارت الى ان الجيش السوري وحزب الله سيطرا على كامل جرد فليطا، لافتة الى ان مسلحي النصرة انسحبوا في اتجاه جرود عرسال. وتحدثت القناة بعد الظهر عن سيطرة الحزب على مرتفع حوض التشريني المشرف على وادي الحقبان والرهوة ووادي الدبول جنوب شرق عرسال.