على ضيق الخيارات المتاحة راهنا لايجاد مخرج او تسوية من شأنهما اعادة تفعيل العمل الحكومي في ظل القرار الثابت لـ"التيار الوطني الحر" منع أي مناقشة او طرح في مجلس الوزراء ما لم يستجب شرطه في تعيين مرشحه لقيادة الجيش، بدا أمس أن الايام الستة الفاصلة عن جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل ستشهد حركة مساع كثيفة سعيا الى تجنب التمادي في شل الحكومة. ولعل أبرز ما رشح من معطيات في هذا السياق، تمثل في تأكيد أوساط وزارية لـ"النهار" ان سقف الشروط التعجيزية التي تطرح تحت وطأة التهديد بشل طويل للحكومة، بات يفتقر الى قاعدة سياسية واسعة بعد بت موضوع عرسال في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء ونزعه من السجالات والخلافات الوزارية كما التمديد للمواقع القيادية في قوى الامن الداخلي. ولفتت الى ان مجاراة بعض قوى 8 آذار "التيار" في موقفه من تعطيل قرارات مجلس الوزراء بدأت تظهر بعد الجلسة الاخيرة متمايزة في نبرتها عن مواقف وزراء "التيار" وليست بالحدة التي تطبع اتجاهات هؤلاء الوزراء. ومع ان الامر لا يعني بحسب هذه الاوساط ان حلفاء التيار ولا سيما منهم "حزب الله" هم في وارد التراجع عن دعمه، فانه يبدو واضحا ان ثمة ضوابط ثابتة ستبقى مواكبة للواقع الحكومي مما قد يقصّر أمد الشلل.

جدول الاعمال
وعلمت "النهار" أن جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل سيوزع اليوم على الوزراء وهو يتألف من بنود جدول الجلسة السابقة البالغة 81 بندا على أن تضاف عليه بنود جديدة.
وصرح وزير العمل سجعان قزي لـ"النهار" بأن وزراء "اللقاء التشاوري" الثمانية الذين اجتمعوا أمس في منزل الوزير بطرس حرب في حضور الرئيسين أمين الجميّل وميشال سليمان قرروا التمسك بجدول أعمال الجلسة، وقال: "لا يجوز أن تنتقم الدولة من الشعب بتجميد قضاياه. ولا نتمسك بجدول الاعمال نكاية، وإنما بسبب غياب رئيس الجمهورية المبرر الوحيد لبقاء الحكومة هو تيسير شؤون الناس والدولة. وعندما نضرب مبرر وجودها فكأننا أسقطناها".
وفي هذا السياق أبلغ وزير العدل أشرف ريفي "النهار" أنه يتوقع أن "تستمر جلسات مجلس الوزراء مع تعطيل القرارات". وقال: "لست خائفا على الواقع الحكومي ولا من التعطيل لفترة طويلة، إذ أن هناك على رغم كل الصعاب حكماء ليحافظوا على الحد الادنى من عمل المؤسسات التنفيذية". وسئل هل يتوقع أن يتكرر في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء ما جرى في الجلسة الاخيرة، أجاب بالايجاب، لكنه رأى أن الامور ستتغيّر خلال أسبوعين أو ثلاثة أسابيع.

 

نصرالله
في أي حال، برزت في الكلمة التي ألقاها الامين العام لـ"حزب الله " السيد حسن نصرالله نبرة هادئة في الملفات الداخلية، وخصوصا لجهة تبنيه بوضوح قرار مجلس الوزراء في شأن عرسال. وقد حرص تكرارا على التشديد على "اننا لم نفكر ولم نقل إننا سندخل بلدة عرسال، بل قلنا إن هذه البلدة محتلة ويجب ان يقوم الجيش وأهلها بتحريرها". وبعدما دعا الى "الكف عن التجييش المذهبي" أشار الى "ان قرار مجلس الوزراء استعادة الجيش لبلدة عرسال واضح ويعني ان البلدة خرجت من دائرة النقاش السياسي وصارت في أيدي الجيش والكل ينتظرون هذا القرار وعلى الحكومة توفير كل سبل النجاح له". واعتبر في المقابل ان معركة جرود عرسال التي يخوضها الحزب "ستسهل بشكل كبير وتخفف الاعباء عن الجيش اللبناني والخطوات المطلوبة منه"، مكررا ان الحزب "لن يدخل الى بلدة عرسال لان ذلك من مسؤولية الدولة والجيش".
وفي سياق آخر، رد نصرالله على تهديدات اسرائيلية بتهجير مليون ونصف مليون لبناني في حال نشوب حرب جديدة مع الحزب فهدد اسرئيل بدوره "بتهجير ملايين الاسرائيليين" في الحرب المقبلة اذا فرضت على لبنان.
وفي موازاة كلمة نصرالله، تحدث إعلام "حزب الله" عن سيطرة مقاتليه امس تماما على سهل الرهوة في جرود عرسال بعد فرار عشرات المسلحين من "جبهة النصرة" في اتجاه وادي الخيل كما سيطروا على جبل الثلاجة الاستراتيجي في جرود فليطة بمنطقة القلمون السورية، وتقدموا نحو سهل شعبة القلعة بعد السيطرة على حرف وادي الدب. وأشار اعلام الحزب الى سيطرة مقاتليه بعد ظهر امس على جبل شعبة القلعة في جرود عرسال.

جعجع
في المقابل، برزت مواقف حادة لرئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع من معطلي الانتخابات الرئاسية ومن "حزب الله" في الاحتفال الحزبي الاول لـ"القوات" بعد صدور "اعلان النيات" بينها وبين "التيار الوطني الحر".
وقال جعجع ان "الإمعان في تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية لم تعد تداعياته محصورة بموقع الرئاسة فحسب، وإنما بات يرمي بظلاله فراغاً وشللا على المواقع الدستورية والأمنية الواحد تلو الآخر"، لافتاً الى ان ذلك "ينسف ادعاءات البعض أن الفراغ الرئاسي سببه خلافٌ مسيحي - مسيحي، ويُثير شكوكاً في الغاية النهائية التي يسعى اليها القائمون بالتعطيل، بمعزلٍ عن بعض أوراق التوت التي يحاولون التلطّي خلفها". وتساءل جعجع: "كيف نُصدّق أن بعضهم يُدافع عن لبنان في القلمون، وباقي سوريا، وفي العراق واليمن، وهو يعطّل لبنان في قصر بعبدا، قلب لبنان بالذات؟ كيف نُصدّق انهم يريدون رئيساً قوياً، وهم لم يتحمّلوا رئيساً توافقياً بامتياز؟".

جيرو
في سياق آخر، علمت "النهار" أن الموفد الرئاسي الفرنسي جان فرنسوا جيرو سيعود الى بيروت في نهاية الشهر الجاري أو مطلع تموز المقبل في مهمة خاصة بلبنان تسبقها اتصالات مع إيران والسعودية والفاتيكان خلافا لزيارته التي انتهت أمس والتي كانت مخصصة لترؤس اجتماع سفراء فرنسا في الشرق الاوسط. وعشية سفره أقيمت مأدبة عشاء على شرفه في مقر السفير الفرنسي شاركت فيها شخصيات من قوى 8 و14 آذار وتخللها تشاور في إمكان إيجاد مناخ جديد في لبنان يواكب الاستحقاقات.
ويشار أخيرا الى بدء الامتحانات الرسمية أمس للشهادة المتوسطة وسط أجواء طبيعية في كل المناطق اللبنانية.