الحكومة باتت فعلياً خارج الخدمة... طالما لم يدرج بند التعيينات الأمنية والعسكرية في جدول الأعمال ويُبتّ، من دون أن يعني ذلك اعتكافاً أو استقالة أو تحوّل مجلس الوزراء الى تصريف الأعمال «في الوقت الراهن»، على ما تشدد مصادر في التيار الوطني الحر. وتقول مصادر لـ»الأخبار» إن «مشاركتنا في الحكومة نابعة من حرصنا على الاستقرار. أما إذا كانت الحكومة نفسها غير حريصة على هذا الاستقرار عبر تجاوزنا، فهذا يعني أن أحداً لا يضمن عدم انتقال الخلاف الى خارج الحكومة».

وأكدت أن «لا مجلس وزراء يعقد صحيحاً في ظل تجاوز مطلب أربعة مكوّنات وازنة في الحكومة»، لافتة الى «أن الاتفاق منذ تأليف الحكومة كان على التوافق بين مكوّناتها، وحتى عندما اعتكف رئيسها احتجاجاً على شرط موافقة الـ 24 وزيراً على قراراتها، اتفقنا يومها على عدم ضرورة ذلك في المسائل العادية، وليس في المسائل الجوهرية التي تنشئ مواقع في الدولة». واعتبرت أن إقدام الوزير نهاد المشنوق على تأجيل تسريح المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص لسنتين «قدّم الدليل القاطع على صحة تشخيصنا حول استهدافنا وحصارنا وإقصائنا عن مواقعنا»، مشيرة الى أن المشنوق لم يلجأ الى التعيين أو إلى خيار تولي الضابط الأعلى رتبة منصب بصبوص «حتى لا تكون سابقة ويضطروا الى تعيين قائد جديد للجيش في أيلول المقبل، وهذا لا يبشّر بالخير ويشير الى أن وراء الأكمة ما وراءها».
وفي قراءة سريعة لمجريات الجلسة أمس، استهل الرئيس تمام سلام الجلسة بالتأكيد على انتخاب رئيس للجمهورية، ووضع الوزراء في أجواء زيارته للسعودية. وفيما حاول الوزير أكرم شهيب الالتفاف على قرار عدم البحث بأي بند على جدول الأعمال، باستثناء عرسال والتعيينات، عبر طرح البند المتعلق بتسهيل خروج الصادرات المتفق عليه مع وزير الصناعة حسين الحاج حسن، بهدف اتخاذ قرار مبدئي فيه، تدخّل الوزير جبران باسيل بحدّة لقطع الطريق على شهيّب، قائلاً: «نحن نصف البلد وأكثر. وإذا لم تسر الأمور كما نريدها، فلن نسمح بإمرار أي بند في مجلس الوزراء». وعندما حاول شهيّب الاستعانة بالحاج حسن، دعم الأخير موقف باسيل الذي أشار الى أن «قيادة الجيش موقع مسيحي ولنا الحق في أن نقرر الشخص الذي سيتولّى هذا المنصب، وهناك من يخالف القانون بالتمديد في بعض المواقع الأمنية. عندما يتعلق الأمر بموقع قوى الأمن يقررون حسب ما يريدون، وحين يتعلّق الأمر بقيادة الجيش يحاولون فرض رأيهم علينا. نحن مستمرون في معركتنا حتى الرمق الأخير ولن نتراجع، حتى لو خربت». وانتقل باسيل إلى الحديث عن ملف عرسال وتسرّب الإرهابيين إلى الجرود وضرورة قيام الجيش بواجبه.
وتحدّث وزير الداخلية نهاد المشنوق، فقدم مطالعة رأى فيها أن «لا أحد يمكنه تعطيل الجلسات. فالدستور ينصّ على أن رئيس الحكومة هو من يقرر جدول الأعمال وهو من يدير الجلسة. وإذا أصر سلام على عقد الجلسة ببنود محدّدة فهي ستعقد وفقاً لهذه البنود. إذا وافق هو شخصياً على أن تكون عرسال ومعها التعيينات فسنوافق، أما إذا أصر على جدول أعمال محدد فلا يمكن أن يعارضه أحد». وأضاف: «هناك نصّ دستوري واضح إلا إذا قرر رئيس الحكومة التخلّي عن صلاحياته. أما المعترضون فأمامهم 72 ساعة لدرسة الجدول والمطالبة بتعديله». وفي ما يتعلق بالتعيينات، أشار المشنوق إلى أن «مهلة ولاية اللواء بصبوص تنتهي عند منتصف الليل»، فقاطعه باسيل قائلاً: «ما مننصحك تغلّط. أنت لم تطرح علينا أي اسم لتعيينه». فردّ المشنوق: «أقترح العميد عماد عثمان لتولي المنصب». فعلّق وزير الدفاع سمير مقبل قائلاً: «أنا مش جاهز لطرح أسماء ولا تعيينات». وفيما قال الوزير أشرف ريفي لاحقاً إن «الاعتراض كان على اسم عثمان»، أكدت مصادر وزارة الداخلية لـ»الأخبار» أن أياً من الوزراء لم يرفض اسم العميد عثمان، لكن وزراء التيار الوطني الحر ربطوا الأمر بتعيين قائد للجيش.
وفي ما يتعلق بموضوع عرسال، أشارت مصادر وزارية بارزة الى «أجواء معقّدة طبعت النقاشات» قبل الوصول إلى صياغة البيان ــــ التسوية الذي كلّف الجيش باتخاذ الإجراءات اللازمة في عرسال، وأعربت فيه الحكومة عن «ثقتها بالجيش وتكليفه اتخاذ جميع القرارات اللازمة لمحاربة المسلحين في عرسال». وقد جاء هذا النص بعد اعتراض وزراء التكتل على كلمة «الثقة بالجيش»، فتدخّل الوزير علي حسن خليل قائلاً: «أنا مع تعيين قائد للجيش. لكن لا يُمكن أن أطالبه بدور في معركة عسكرية من دون أن أعطيه الثقة».
وفيما اعتبرت مصادر في التيار الوطني الحر أن البيان ــــ التسوية «لا جديد فيه وجاء من باب تأكيد المؤكد»، وأكدت أن «موافقتنا جاءت من منطلق حرصنا على الجيش، مع التمني لو أن البيان لم يقتصر على عرسال وانسحب أيضاً على جرودها»، قالت مصادر في 8 آذار لـ»الأخبار» إن البيان «تغطية خفيفة للجيش. فلا هو قرار بعملية عسكرية ولا هو قرار بإبقاء عرسال خارج سلطة الجيش، وبالتالي فإن الأمر لا يزعج حزب الله الذي لم يعلن في أي مرة نيته دخول عرسال، كما أنه لا يزعج تيار المستقبل الذي يدرك أن معركة الجرود على وشك الانتهاء، ويعطيه هذا البيان فرصة القول إنه حال دون دخول الحزب الى البلدة».

باسيل: طفح الكيل

وفي مؤتمر صحافي عقده في الرابية مساء، شدد الوزير باسيل على «أننا نرفض بشكل قاطع ونهائي أي قرار يصدر في مجلس الوزراء ولن نسمح بإقراره قبل حلّ مسألة التعيينات الأمنية»، معتبراً أن «الفراغ لا يمنعنا من تعيين قائد للجيش»، وموضحاً «أننا نستند إلى الدستور والصلاحيات ونحن نمثل رئيس الجمهورية في الحكومة»، ومشيراً الى أن «كل ما نطلبه هو أن نحصر النقاش في مجلس الوزراء، وأي صدام يحصل داخل المجلس سيحمل تداعياته خارجه»، وأن «الإصرار على الاستخفاف بالقوانين لن يمر من دون كلفة عالية جداً في البلد». ورأى أن «هناك استهدافاً مستمراً للمواقع المسيحية في الدولة... لذلك نقول طفح الكيل».

بري متروّ

ومساء، تلقى الرئيس نبيه بري اتصالا من الرئيس سلام تشاورا فيه في الموضوع الحكومي. وسئل بري هل يطول الشغور الذي ستواجهه الحكومة، فاكتفى بالقول: «هذا يتوقف على المعالجة. الرئيس سلام متروٍّ الآن كما ترويت انا كثيرا عندما عطلوا مجلس النواب».