كل المؤشرات السياسية والعسكرية والأمنية والإعلامية حول الأوضاع في لبنان والعالم العربي تؤكد أنّ حفلة الجنون والصراعات المختلفة ستستمر لفترة أخرى من الزمن دون تحديد موعد معين لنهاية هذه الصراعات ومتى ستتوقف ؟ وهل سيتم التوصل إلى تسويات للأزمات السياسية في المنطقة بعد الإتفاق الدولي حول الملف النووي الإيراني حسب التوقعات السابقة أم لا؟
فالأزمة في اليمن مستمرة والإجتماع الحواري برعاية دولية حول اليمن مؤجل بإنتظار المشاورات الأولية في الرابع عشر من شهر حزيران الحالي ، وإن كان من غير الواضح مدى نجاح هذه المفاوضات في التوصل إلى حل نهائي للأزمة اليمنية بعد كل هذا الدمار والعدد الكبير من الضحايا من اليمنيين والسعوديين وغيرهم .
وأما في العراق فالمعارك والتفجيرات مستمرة وداعش يتمدد رغم اجتماعات دول التحالف الدولي في باريس ، ولا يبدو أنّ هناك أفق واضح لنهاية الأزمة بل إن هناك معلومات عن مخاطر كبيرة قد تطال مدينة كربلاء والعاصمة العراقية بغداد في المرحلة المقبلة .
وفي سوريا المعارك مستمرة في كل الإتجاهات ، بين النظام السوري وحلفائه من جهة وبين تنظيمي داعش والنصرة وجيش الفتح وغيرهم من التنظيمات المسلحة وحلفائهم من جهة أخرى، وكذلك بين داعش من جهة وبقية التنظيمات المسلحة من جهة أخرى، وقد وصل الصراع في سوريا الى الحدود اللبنانية – السورية في جرود عرسال ، وها هي المعارك تبدأ في الجرود والحشودات مستمرة وقد تدخل العشائر والعائلات البقاعية في الصراع ممّ قد يؤدي إلى امتداد الصراع والتفجيرات والتوترات إلى العديد من المناطق اللبنانية كما هدد قادة تيار المستقبل ، في حين تؤكد مصادر مطلعة أنّ توزيع السلاح عاد بقوة في العديد من المناطق الشمالية والجنوبية والبقاعية وفي بيروت وأنّ هناك تحضيرات لإقفال الطرق في بعض المناطق وخصوصاً طرق الجنوب والبقاع والشمال .
كما أنّ هناك تخوف أن تشارك في الصراع قوى جديدة من اللاجئين السوريين المنتشرين في كل المناطق إضافة لعودة العامل الفلسطيني للصراع عبر بعض المخيمات .
وسياسياً الأزمة مستمرة في لبنان والخوف أن يمتد الشلل إلى كل القطاعات إذا لم يتم التوصل إلى حل لمسألة التعيينات الأمنية والعسكرية مع استمرار شلل عمل مجلس النواب وعدم إنتخاب رئيس للجمهورية، في حين أن الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية تعاني من أزمات خانقة.
وهناك أنواع أخرى من الصراعات ومنها : الصراع السعودي – الإيراني والصراع التركي – الإيراني والتركي – المصري، إضافة لصراعات القوى الإسلامية فيما بينها وما يجري في ليبيا من أحداث أمنية وعسكرية والصراع بين الإخوان المسلمين والأنظمة العربية في مصر والأردن مستمرة ايضاً.
ولا ننسى بوكو حرام وطالبان والتفجيرات في السعودية والتي قد تمتد إلى دول خليجية وعربية وإسلامية أخرى.
إذن نحن أمام حفلة جنون مستمرة وهي تطال العرب والمسلمين أولاً وأخيراً ، وهذه المنطقة هي محور الصراع ، والأصوات العاقلة التي تدعو لوقف القتال والتوصل إلى حلول للأزمات قليلة ومنها اخيراً بيان القمة الإسلامية في لبنان وهو بيان مهم وواضح ولكن لا يبدو أن هناك إستجابة عملية له .
لكن هل يؤدي كلّ ذلك بنا ‘لى اليأس والإحباط؟
والجواب كلا ، لأنّنا سنظل ننتظر الأصوات العاقلة والمبادرات السياسية والفكرية لتسوية الأزمات القائمة ، وإن كان سيطول الزمان علينا للوصول إلى حلول سياسية حسب المؤشرات الحالية والله وحده العالم .