تتجه الانظار اليوم الى جلسة مجلس الوزراء التي تعد حاسمة على صعيد ملفي عرسال وجرودها والتعيينات الامنية والعسكرية في ظل التحسب لخطوة يقدم عليها وزراء "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" من شأنها شل عمل الحكومة، ما لم تستجب لمطلبي الفريقين المتعلقين باصدار التعيينات رزمة واحدة واتخاذ قرار بتكليف الجيش تحرير جرود عرسال. واذ أبرزت المعطيات المتوافرة عشية الجلسة مضي وزراء الفريقين في موقفهما الرافض لمناقشة اي موضوع خارج هذين الملفين، والتلويح بشل الحكومة بامتناعهم عن بت أي قرار حكومي في حال عدم تلبية شروطهما، فضلت مصادر وزارية عدم استباق الجلسة وانتظار ما يمكن ان تكون المساعي المستمرة لتجنب أزمة تعطيل اضافية قد أدت اليه. لكن المصادر نفسها رجحت في حال اصطدام الجلسة بمواقف متصادمة وتعذر التوافق على تعيين مدير عام جديد لقوى الامن الداخلي ان يصدر وزير الداخلية نهاد المشنوق منتصف الليل قراراً بالتمديد للمدير الحالي اللواء ابرهيم بصبوص.
ولعل اللافت في هذا السياق ان مناخ الزيارة الرسمية التي قام بها رئيس الوزراء تمّام سلام والوفد الوزاري المرافق له للمملكة العربية السعودية، والتي توجت امس بلقاء سلام والوفد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، أضفى أجواء ايجابية للغاية على المشهد اللبناني على رغم معالم التوتر الداخلي السائدة عشية جلسة مجلس الوزراء واخفاق مجلس النواب للمرة الـ24 في انتخاب رئيس للجمهورية.
وبرزت نتائج الزيارة في ما نقله مراسل "النهار" الى جدة أحمد عياش عن كل من الرئيس سلام والسفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري عن هذه الزيارة ومجرياتها كما عن الواقع الداخلي.
وقد أبدى الرئيس سلام ارتياحاً كبيراً الى ما انتهت اليه الزيارة بعد محادثات أجراها مع الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الامير محمد بن نايف بن عبد العزيز. وقال لـ"النهار" إن الملك سلمان أكد له "ان قرار دعم لبنان ثابت ومستمر"، وأن قرار هبة الثلاثة مليارات دولار للجيش اللبناني "لا رجعة فيه". وشرح في هذا المجال أن ولي العهد قال له عندما طرح الموضوع معه: "ليس في تقاليد المملكة أن تغيّر قراراً ملكياً، فهو إن صدر سيستمر الى النهاية". أما عن الموضوع الحكومي فقال سلام إن الحكومة مستمرة "بدليل أنني دعوت الى انعقاد جلسة (اليوم)". وأبرز الموقف "المهم" الذي صدر عن الرئيس نبيه بري في صحف يوم امس، وقال سلام: "الحكومة تفقد مبرر وجودها عندما يصبح نصابها نصف زائد واحد لكن الواقع الحالي ليس كذلك طالما أن أكثرية الثلثين مؤمّنة". وأضاف: "ليست هي المرة الاولى التي نواجه فيها مثل هذه الازمات لكن لم نعلم أنه من أجل تعيين موظف نعطّل الحكومة، وانما يكون ذلك من أجل قضية وطنية كبرى".
وصرّح السفير عسيري لـ"النهار" عن لقاء الملك سلمان والرئيس سلام والوفد المرافق له: "جرى التطرّق الى المستجدات على الساحة الاقليمية وتداعياتها على لبنان حيث عبّر خادم الحرمين الشريفين عن الحرص على أمن لبنان وسيادته وإبعاده عن أية تداعيات قد تضرّ باستقراره، وانطلاقاً من حرصه على مصلحة لبنان تحدث مع رئيس الوزراء والوفد المرافق عن أهمية وحدة الصف اللبناني في ظل الظروف والتحديات التي يواجهها لبنان حالياً، وتمنياته أن يتحد اللبنانيون وأن يتجاوزوا خلافاتهم وأن يسعوا الى انتخاب رئيس للبنان. كما أكد أن العلاقات التي تميّزت بها المملكة ولبنان هي علاقات تاريخية. وذكر الكثير عن القيادات السابقة وأكد تمنياته على الاخوة في لبنان نبذ خلافاتهم والعمل من أجل سلامة لبنان ووحدة صف اللبنانيين". وأشار عسيري الى أن "ما تميّزت به الزيارة هو لقاء وفد الوزراء المرافقين نظراءهم السعوديين والعمل على إيجاد آلية للعمل المؤسساتي بين اللبنانيين والسعوديين لما فيه مصلحة البلدين". ويشار الى ان الرئيس سعد الحريري أولم في منزله على شرف الرئيس سلام والوفد المرافق له بعد لقائهم العاهل السعودي واختتمت الزيارة مساء امس .
ما بعد "النيات"
في غضون ذلك، شغل صدور "إعلان النيات" بين "التيار الوطني الحر" وحزب "القوات اللبنانية " جانبا بارزا من المشهد الداخلي، ولا سيما منه المسيحي، إذ برز اهتمام الفريقين برصد ردود الفعل المختلفة على هذا التطور . وقد غلب الارتياح على الردود الأولية التي جاءت في معظمها ايجابية. وعلمت "النهار" ان الفريقين بدأا الاعداد للخطوات التالية التي تشمل التواصل مع القواعد الشعبية والحزبية للفريقين ولقاءات مع الحلفاء السياسيين لكل منهما لشرح هذه الخطوة. وسيبدأ "التيار" لقاءاته في هذا المجال مع النائب سليمان فرنجية، فيما بدأت "القوات" اتصالاتها بأفرقاء 14 آذار . وقالت مصادر الفريقين إن المرحلة الثانية من ترجمة الاعلان ستشهد اتصالات معمّقة وخصوصاً في موضوع رئاسة الجمهورية وملفات أساسية أخرى كقانون الانتخاب وقانون استعادة الجنسية.
الحزب والجرود
وسط هذه الاجواء، أبرزت المعلومات الميدانية التي بثتها وسائل اعلام تابعة لـ"حزب الله" او قريبة منه امس انه انخرط في معركة جرود عرسال من دون انتظار قرار مجلس الوزراء اليوم. وأفاد الاعلام الحربي التابع للحزب أن مقاتليه سيطروا في معارك جرت امس مع "جيش الفتح" بقيادة "جبهة النصرة" على مرتفعات مجرى الحمرا وشميس الحمرا في جرود نحلة، وعلى جبل الزاروب ومرتفع مراد غازي ووادي الهوا ووادي الخيل والشروق. ونقلت وكالة أنباء الشرق الاوسط المصرية "أ ش أ" عن مصدر أمني لبناني ان مقاتلي الحزب سيطروا على جبلين ومرتفعات وان الاشتباكات تدور على الاراضي اللبنانية وليس السورية، كما أبلغ مصدر في بلدة عرسال الوكالة نفسها ان مقاتلي الحزب تقدموا مسافة خمسة كيلومترات داخل جرود عرسال. وتردد ان خمسة على الأقل من الحزب قتلوا أمس في المواجهات.