طغت الصورة التي جمعت القطبين المسيحيين ميشال عون وسمير جعجع على مجمل تطورات أمس، وخصوصا اعلان رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" قبل ساعات اعطاء الحكومة اجازة قسرية حتى ايلول المقبل ما لم تبت جلسة غد في ملف التعيينات الامنية. واذا كان الملف غير متفق عليه حتى الآن، فإن تداعيات ارجائه من المرجح ان تدخل البلاد في شلل مؤسساتي خطير، اذ بعد الشغور في الرئاسة الاولى الذي دخل سنته الثانية، والتعطيل القسري لمجلس النواب عن مهماته التشريعية بانتهاء دورته العادية وعدم إمكان التشريع قبل تشرين الأول المقبل، سوف يتعطل عمل الحكومة التي تحتاج الى توقيع الوزراء الـ 24 للمضي بأي قرار تتخذه.
وفي ظل التصعيد المتفاقم بين الأطراف السياسيين، والذي حاولت قمة روحية اسلامية انعقدت امس في دار الفتوى تخفيفه، عقد اللقاء الذي كان البعض يشكك في حصوله، في الرابية، التي وصل اليها رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع واستقبله رئيس "التيار الوطني الحر" ميشال عون، وعقدا مؤتمراً صحافياً مشتركاً عقب اذاعة "اعلان النيات" الذي اعده النائب ابرهيم كنعان ومستشار جعجع ملحم رياشي. واللقاء الذي تاخر نحو 30 سنة، لم يخرج بجديد عما نشر قبل مدة، لكنه شكل نقطة انطلاق لمرحلة جديدة من العلاقة المسيحية - المسيحية، في مقابل الحوار الذي يجريه "تيار المستقبل" و"حزب الله".
وفي معلومات "النهار"، ان اللقاء دام نحو ثلاث ساعات، ووصفت مصادر المجتمعين الأجواء بأنها كانت "ايجابية جداً، ذلك ان "إعلان النيات" يشكل مشروعاً ورؤية سياسية".
وقد تناول اللقاء كل الملفات، "من تاريخية الحوار بين الطرفين، الى رئاسة الجمهورية ومبادرة العماد عون وتشريع الضرورة، ووضع المنطقة وتعقيداته ومسؤوليتنا في مواجهة الاخطار المحيطة، وموضوع اللاجئين، اضافة الى العلاقة مع بقية الاطراف ومع بكركي وتأكيد كلّ على تحالفاته وان هذا اللقاء لا يستهدف أحداً بل بالعكس. وفي النهاية كان اتفاق بين الجانبين على عدم اعلان ما يتمّ التفاهم عليه الا تباعاً ووفقاً للظروف".
وعلمت "النهار" ان كنعان والرياشي زارا الاثنين البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وأطلعاه على التنسيق بين الفريقين وكان تأكيد للتنسيق الدائم مع بكركي.
الحكومة
أما في الشأن الحكومي، فقد أعلن العماد عون امس "أن الحكومة تعطل نفسها، وخصوصاً عندما تكون مؤسسة وظيفتها أن تدير شؤون الدولة وترفض أن تمارس هذه الوظيفة من خلال عدم إتخاذ الإجراءات اللازمة. لماذا لا تقوم الحكومة بالتعيينات، بل تذهب دائما إلى التمديد والتأجيل عدة أشهر في كل مرة؟ والآن يقولون الى ايلول، منذ الآن وحتى أيلول، فليأخذوا إجازة، طالما أنهم مصممون على تعطيل عمل الحكومة وسيقفلون دكانهم".
بري
وفي رد مباشر على انتقادات عون للحكومة وترحيل ملفاتها الى ايلول، علق رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زواره بأن "لا احد أكبر من وطنه. يفعلون اليوم الشيء نفسه الذي فعلوه مع مجلس النواب، فإما ان يدرج هذا القانون او ذاك على جدول الاعمال أو لا جلسة للحكومة بغية تعطيلها. من جهتي أقول حتى لو غاب البعض، فإن الميثاقية ستبقى متوافرة في الحكومة وانا باق فيها وسأحضر وستستمر ميثاقيتها".
وسئل ماذا لو قاطعها وزراء "التكتل"و"حزب الله"، ألاّ تتحول الحكومة تصريفا للاعمال؟ أجاب: "يتوقف هذا الامر على موقف الرئيس (تمام) سلام واعتقد ان الجميع سيتضررون. وفي تقديري ان من يقاطع سيعود بعد جلستين أو ثلاث".
الحريري
وقال الرئيس سعد الحريري في دردشة مع اعلاميين: "ان الشلل اذا اصاب الحكومة سيضرب كل لبنان، وانصح عون ألا يسير في هذا الاتجاه ونستطيع التفاهم معه". وأكد ان رئاسة الجمهورية اهم من قيادة الجيش وهي الأولوية.
أبو فاعور
وصرّح وزير الصحة وائل أبو فاعور لـ"النهار" بأن إنقاذ واقع الحكومة من الشلل الذي يلوح في أفق جلسة مجلس الوزراء غداً "يرتبط بالأمور الآتية: الاتفاق على التعيينات أو التمديد فترة قصيرة للواء ابرهيم بصبوص بما يوحي بإمكان العودة لاحقا الى ملف التعيينات، أو وعد العماد عون بإمكان تعيين اللواء شامل روكز قائدا للجيش". وأوضح "أنه في حال الوصول الى شلل الحكومة يمكن عندئذ مواصلة العمل الحكومي عبر اجتماعات للمجلس الاعلى للدفاع واجتماعات وزارية لتسيير أمر الناس وإصدار مراسيم خاصة بالجيش والاجهزة الامنية وهذه الافكار طرحت على "حزب الله" وكان متجاوبا معها".
الرئاسة الأولى
وتعقد اليوم الجلسة الـ24 لانتخاب رئيس للجمهورية من دون توقع ان تختلف عن سابقاتها، ولكن في ظل ازدياد الحراك الدولي الدافع في اتجاه انجاز الاستحقاق الرئاسي. وعلمت "النهار" ان الممثلة الخاصة للامين العام للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ ستتوجه السبت الى طهران (عبر لندن) للقاء عدد من المسؤولين الايرانيين، وهي تنتظر موعدا من المسؤولين السعوديين لمتابعة درس الملف.
كما علمت، ان المبعوث الفرنسي جان - فرنسوا جيرو يصل الى بيروت اليوم في مهمة مزدوجة، يواصل خلالها بذل المساعي لتقريب وجهات النظر بين المتنافسين من أجل انجاز الاستحقاق الرئاسي، ويلتقي عدداً من المسؤولين والمرشحين، كما يرأس اجتماعا لسفراء فرنسا في المنطقة، بصفة كونه معاونا لوزير الخارجية لشؤون الشرق الادنى وشمال افريقيا.
في غضون ذلك، يواصل الموفد البابوي الكاردينال دومينيك مامبرتي لقاءاته مع المسؤولين، وقد سمع امس كلاماً رئاسياً من الرئيس بري مفاده "ان ثلاث دول فاعلة وقادرة على الاضطلاع بدور اساسي في الملف الرئاسي وهي الفاتيكان وايران والسعودية وتستطيع ان تلعب دوراً في هذا الشأن. وليس صحيحا ان المشكلة مسيحية - اسلامية أو مسيحية - مسيحية بل هي مارونية - مارونية. ولا يشبه واقعها اليوم حال العام 2008 ولم ترتبط بشخص آنذاك، وكان محور محاولات اتفاق الدوحة قانون الانتخاب وليس شخص الرئيس الذي كان متفقا عليه. وتكمن المشكلة اليوم في الشخص. وفي ضوء الظروف التي تمر بها المنطقة أكثر ما نحتاج اليه ونصر عليه هو انتخاب رئيس مسيحي وماروني بالتحديد، واذا كانت هناك ملاحظات في الماضي على هذه المسألة، فلم تعد موجودة لأن الجميع يتشبثون برئيس من الموارنة، ولو لم يكن موجودا لوجب علينا ايجاده، فكيف اذا كان موجوداً. ويجمع اللبنانيون على هذا الامر".
السعودية
ومن بيروت الى السعودية التي وصل اليها أمس الرئيس سلام في زيارة رسمية، يلتقي خلالها اليوم الملك سلمان بن عبد العزيز. وقد أقام ولي عهد المملكة الامير محمد بن نايف نيابة عن الملك سلمان مأدبة عشاء في قصر الضيافة في جدة على شرف رئيس الوزراء والوفد المرافق له في حضور الرئيس سعد الحريري. وتلت ذلك جلسة محادثات حضرها أعضاء الوفدين اللبناني والسعودي، ثم خلوة بين الرئيس سلام والامير محمد بن نايف.
ملف سماحة
قضائياً، قبلت محكمة التمييز العسكرية الطلب الذي قدمه مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر شكلاً وأساساً، بعدما ناقشت كل الأسباب الواردة فيه والرد عليها في قضية الوزير السابق ميشال سماحة وابقت فصل ملفه عن ملف اللواء علي المملوك.
وردت المحكمة طلب وكيل الدفاع عن سماحة صخر الهاشم ايضا، بعدما ناقشت كل الأسباب الواردة فيه. وحدّدت 16 تموز موعدا لإعادة المحاكمة.