التفجيرات الأمنية التي تطال مساجد وحسينيات المسلمين الشيعة في السعودية تشكل تطوراً خطيراً على صعيد التطورات في المملكة وعلى مستوى المنطقة ، فرغم تبني تنظيم داعش المسؤولية عن هذه التفجيرات وإدانة المسؤولين السعوديين لها ، فإنّ ما جرى وما يمكن أن يجري مستقبلاً يؤكد أن الأوضاع في السعودية تتجه نحو المزيد من التدهور وأنّ هناك من يريد أن يدفع بالأمور نحو فتنة سنية – شيعية كبيرة ممّ قد يكون له تأثير كبير على مستقبل المملكة ووحدتها .
فهذه التفجيرات تأتي بعد حملة إعلامية وفكرية يتعرض لها أتباع المذهب الشيعي في السعودية من قبل وسائل إعلامية وشخصيات دينية وفقهية مؤثرة، ورغم أنّ الخطاب الرسمي لمسؤولي المملكة لا يتبنى مثل هذا الخطاب ، لكن المشكلة أنّه لا يتم إتخاذ إجراءات عملية وفاعلة لوقف التحريض ضد الشيعة في السعودية وخارجها .
وإنّ إستمرار التفجيرات وإتجاه المسلمين الشيعة في المملكة لطلب الحماية الأمنية الذاتية لمواجهة هذه التفجيرات قد يكون بداية الدعوة لقيام سلطة أمنية موازية ممّ قد يمهد لتقسيم المملكة وهذا مطلب صهيوني قديم، مع الإشارة إلى وجود جهات أميركية روّجت سابقاً لتقسيم المملكة إلى دويلات مذهبية ممّ يدخلها في صراعات خطيرة لا تخدم سوى أعداء العرب والمسلمين .
لكن مواجهة التفجيرات الأمنية ووقف هذا التدهور الخطير في الأوضاع الأمنية والسياسية في المملكة يتطلب أولاً قيام مسؤولي المملكة بإتخاذ إجراءات حازمة وصريحة وعملية ضد كل الذين يحرّضون ضد المسلمين الشيعة في المملكة من إعلاميين أو رجال دين أو على المواقع الإلكترونية، إضافة لإتخاذ إجراءات أمنية ضد كل من يقف وراء هذه التفجيرات والتعاون مع الجهات المحلية من بلديات وشرطة محلية لحماية كل المساجد والحسينيات .
وبالمقابل فإنّ المسؤولين عن المسلمين الشيعة في السعودية من رجال دين ومفكرين وفاعليات إجتماعية عليهم مسؤولية كبيرة برفض أيّ دعوة للتقسيم أو إقامة أمن ذاتي ويجب زيادة التعاون والتنسيق مع الجهات الأمنية لمواجهة تنظيم داعش وكل من يقف وراء التفجيرات .
كما يجب إعادة الإعتبار للحوار الوطني الذي أطلقه الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز وهذه مسؤولية مشتركة من قادة المملكة والقيادات الشيعية ، لأنّ توقف الحوار وعدم إستمرار المبادرات الحوارية أدى ويؤدي إلى انتشار حالة التحريض والمذهبية والفتنة .
وبموازة العمل الداخلي لمواجهة التهديدات الأمنية فإنّ السعودية وإيران وحلفاؤهما معنيون جميعاً بالجلوس السريع على طاولة الحوار والبحث عن حلول للأزمات القائمة في اليمن والبحرين وسوريا ولبنان والعراق، لأنّ إستمرار الصراع السعودي- الإيراني في المنطقة يخدم أصحاب التطرف وخصوصاً تنظيم داعش ، وخطر داعش هو خطر على الجميع وسيطال الجميع ولذا يجب التوحد من أجل مواجهته.