في وقت يواصل «حزب الله» تسطير المزيد من المواقف التحريضية والفتنوية والتخوينية بحق عرسال وبيئتها الوطنية الحاضنة للجيش ومن معها من اللبنانيين المتموضعين خلف راية الدولة والمعارضين لزجّها في أتون النيران السورية، وبينما كان نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم يحاضر في مواجهة المشروع الأميركي الإسرائيلي في المنطقة واضعاً قتال «حزب الله» في سوريا في إطار هذه المواجهة ومتهماً اللبنانيين رافضي المشاركة في سفك الدم السوري «بالتناغم في المواقف مع إسرائيل» والتواطؤ معها «داعشياً»، برز في المقابل كلام أبلغ إنباءً عن حقيقة الموقف الإسرائيلي حيال مشاركة «حزب الله» في الحرب السورية على لسان رئيس جهاز الموساد الأسبق افرايم هليفي الذي أكد أنّ هذه المشاركة «تخدم المصالح الاستراتيجية والأمنية لدولة إسرائيل». هليفي، وفي معرض تدليله على «التقاء المصالح» وتبادل الخدمات بين إسرائيل والحزب، أوضح أمام مؤتمر «مركز فيشر» في تل أبيب: «إنّ قدرة «حزب الله» على استهداف التنظيمات السنّية في سوريا أكبر من قدرة إسرائيل، والحزب بذلك يساعد في عدم تمكين هذه التنظيمات من استهداف إسرائيل»، مضيفاً: «إنّ انشغال الحزب في قتال التنظيمات السنية يسهم في إضعافها وفي إضعاف نفسه وهذا ما يخدم المصالح الإسرائيلية».

أما على ضفة التصدي للخطر المتأتي من محور «التقاطعات وتبادل الخدمات» على مذبح الأطماع الإسرائيلية والإيرانية في المنطقة العربية، فتتواصل الجهود والمشاورات بين قادة الجيوش العربية لترجمة قرار قمة شرم الشيخ الأخيرة «إنشاء قوة عربية مشتركة» من خلال سلسلة اجتماعات عقدت في الآونة الأخيرة وخلصت إلى التوصّل إلى وضع بروتوكول خاص بهذه القوة جرى توزيعه على أعضاء جامعة الدول العربية للدرس وإبداء الملاحظات. وفي هذا السياق، كشفت مصادر وزارية لـ»المستقبل» أنّ الأمانة العامة لمجلس الوزراء تلقت مطلع الأسبوع نسخة عن بروتوكول إنشاء القوة العربية المشتركة بعد أن كان لبنان ممثلاً بقائد الجيش العماد جان قهوجي قد شارك في اجتماعين عقدا في القاهرة لإعداد مسودة البروتوكول، مشيرةً إلى أنّ الحكومة اللبنانية كانت قد تلقت قبل انعقاد الاجتماع الأول لقادة الجيوش العربية في العاصمة المصرية «رسالة تتضمن اقتراح مشاركة لبنان في القوة العربية المزمع إنشاؤها مرفقة بعناوين عريضة حول الدور والمهام اللبنانية في هذه القوة، بحيث وضعت قيادة الجيش في حينه ملاحظات على الرسالة بينما تولى العماد قهوجي المشاركة في اجتماعي القاهرة بناءً على هذه الملاحظات».

وبينما من المفترض أن يتم عرض نسخة البروتوكول على طاولة مجلس الوزراء للموافقة عليه أو تعديله أو رفضه قبل 15 حزيران المقبل باعتبارها المهلة المحددة في اجتماع قادة الجيوش العربية للانتهاء من درس البروتوكول وإبداء الملاحظات قبل إعادة إرسالها إلى القاهرة، علمت «المستقبل» أنّه خلال اجتماعي القاهرة بمشاركة 21 من قادة الجيوش العربية باستثناء سوريا المجمدة عضويتها في الجامعة العربية، حصل نقاش جدي وسري حول مهمات القوة العربية المشتركة وأمرتها ومصادر تمويلها وكيفية انتشارها وتدخلها بناءً على طلب من الدولة المعنية أم بموجب اتفاقيات أخرى، كما تخللت النقاش أفكار متصلة بما إذا كان المطلوب قيام قيادة مشتركة للجيوش العربية أو غير ذلك.

«سيدة الجبل»

رئاسياً، ينعقد لقاء «سيدة الجبل» في خلوته السنوية الـ11 قبل ظهر اليوم في دار سيدة الجبل في فتقا حيث علمت «المستقبل» أنّ اللقاء سيركّز بشكل خاص على موضوع انتخاب رئيس للجمهورية مع التشديد في هذا المجال على كون «انتخاب الرئيس مسؤولية وطنية مشتركة». 

وفي هذا السياق، أوضح منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار لـ»المستقبل» أنّ «استحقاق رئاسة الجمهورية لا يعني المسيحيين وحدهم»، وقال: «للأسف بعض المسيحيين تصرفوا مع الاستحقاق الرئاسي كما لو أنه من اختصاصهم لوحدهم، فأجابهم بعض المسلمين بما أنه اختصاصكم أبلغونا عندما تتفقون»، محذراً في المقابل من أنّ «عدم انتخاب الرئيس من شأنه أن يؤدي إلى انهيار ضمانة الدولة واندلاع حرب سنية شيعية»، وأردف سعيد: «لذلك على المسيحيين أن ينقلوا مقاربتهم للاستحقاق الرئاسي من مقاربة مسيحية فقط إلى مقاربة وطنية تنطلق من كون رئاسة الجمهورية مصلحة لبنانية مشتركة، وأن يقتنعوا بالتالي بأنّ ثمة ثمناً يجب عليهم دفعه وهو الاتفاق على تسوية مع الآخرين ينقذون من خلالها البلد». هذا الموقف الذي سيعلنه سعيد اليوم في المؤتمر، سوف يأتي في إطار تشديده كذلك على أنّ «المسيحيين أخطأوا حين اعتبروا أنّ الرئاسة اختصاص حصري بهم، وأنّ المسلمين أخطأوا بدورهم عندما أجابوا المسيحيين اتفقوا وأبلغونا».

إلى ذلك، علمت «المستقبل» أنّ شخصية مسيحية روحية بارزة كانت قد التزمت الصمت طيلة السنوات السابقة ستحضر مؤتمر «سيدة الجبل» اليوم وستكون لها مداخلة تتحدث خلالها عن تجربتها في قرنة شهوان و14 آذار، مع الإشارة من ناحية أخرى إلى أنّ المقررات الرسمية التي ستصدر عن المؤتمر سيتم تسليمها إلى الموفد البابوي الموجود حالياً إلى لبنان وزير خارجية الفاتيكان الكاردينال دومينيك مامبرتي.