على الرغم من النبرة العالية والتصعيد الذي يبديه حزب الله في خطابه السياسي فيما يتعلق بموقفه من عرسال ، والإيحاء بأنّ الحزب في جهوزية تامة لمواجهة عسكرية قد تفجّر الوضع الأمني في البلاد وتفتح باب الحرب المذهبية على مصراعيه لينضم لبنان إلى حفلة الجنون الدائرة في سوريا والعراق ، إلا أنه لا مؤشرات فعلية وملموسة على نية حقيقية لدى الحزب في تفجير الوضع وضرب الإستقرار من خلال تدخل عسكري في عرسال إنما هو ضغط بإتجاه تحقيق أهداف سياسية لم تعد خافية لا سيما فيما يتعلق بمعضلة التعيينات الأمنية .
يرفع الحزب سقف المخاوف الأمنية لكن من دون المخاطرة بنسف الحكومة التي يحاول الإستفادة منها لصالحه ، لإدراكه تعذر إجراء الإنتخابات الرئاسية في المنظور القريب عدا عن أن لا مصلحة للحزب في نسف الإستقرار في ظل الحريق المشتعل في المنطقة بل إن الاستقرار في لبنان قد يكون حاجة ماسة للحزب في ظل التحولات الإقليمية الجارية لذلك يحرص على إبقاء الحوار مع "تيار المستقبل " مفتوحاً معولاً على إمكانية الوصول إلى مؤتمر بديل عن المؤتمر التأسيسي لنسف اتفاق الطائف أو لإعادة صياغته رغم ـن الطائف لم يطبق بكامل بنوده حتى الآن .
وعلى الرغم من أنه ثبت حتى الآن بأنه هنالك شبه إتفاق دولي ضمني على عدم الإنزلاق في تفجير أمني ينسف الإستقرار، يبقى لبنان ساحة إنعكاس للصراعات الدائرة في المنطقة وتداعيتها لا سيما في سوريا والعراق ما يحول دون إمكانية تجنبها نتائج هذه الصراعات وإمكانية تحييدها عن الواقع الذي ستؤول إليه الأمور في المنطقة رغم إمكانية التوافق على إنقاذه فيما لو اتفقت الاطراف السياسية والطوائف على إنقاذه بدلاً من الانتظار .