يعتبر عبد الوهاب المؤدب أن الإسلام السياسي قد حاصر المرأة وحصرها في أكياس حاجبة بإعتبارها فتنة للرجل ، بعد أن ساهم الإسلام في تحرير الجسد الغربي من أزمات الكبت ، ويستعرض كيفية تأثر الغربيين بقيمة المتعة التي أتاحها الإسلام لإغناء الشعور بالمرأة كقيمة جمالية لا كخيمة متنقلة في صحراء البوادي .
يقول المؤدب : لقد سُحر رحالة وأدباء القرن التاسع عشر بتمجيد الجسد عند المسلمين بعد أن كان في القرون الوسطى مصدر إثارة للسخط من قبل رجال الدين من المسيحيين الأوروبيين ، لقد افتتن " غي دو موباسان " بالمخطوطة العربية في الشبق الجنسي والتي قام بترجمتها ، وهي مخطوطة وضعها عالم دين تونسي إسمه الشيخ النفزاوي الذي مجد الجسد بإسم الله في كتابه الروض العاطر .
وهنا لا بُد من الإستشهاد بنيتشه الذي قابل بين أمانة الجسد في المسيحية وبين تقديس المتعة والصحة الجسدية لدى الكائن المُكونّ في الإسلام ، ويوضح هذا الفرق من خلال ما أقدم عليه المسيحيون عندما إستعادوا قرطبة من المسلمين بإغلاق الحمامات العامة التي بلغ عددها في مدينة قرطبة وحدها مئتين وسبعين ، إيماناً منهم بأن الجسد منبوذ والصحة مرفوضة كفعل شهواني .
ويضيف المؤدب : أن الثقافة التي خصت الجسد بشيء من التقديس هي على الأرجح في طريقها إلى الزوال في بعض بلاد المسلمين التي إجتاحها النظام الأخلاقي الذي يفرضه أشباه المتعلمين مرضى الكراهية والحقد ..
لقد تحولت القاهرة إلى جحيم بعد أن كانت جنة ، وليس أدلّ على ذلك من مشهد أجساد هاتيك النساء الكابية وهن يعانين من الحر وترهقهن المناديل أو الحجابات السوداء ...
أضف إلى ذلك تلوث الأسماع التي تتسبب به إضافة الى السيارات وهدير المحركات ،الدعوات الصاخبة إلى الصلاة ، وهي دعوات لا تحظى بالرضا العام لأنها تُبث عبر مكبرات صوت مرتفعة جداً ومشوشة لدرجة أنها تزعج الأموات في قبورهم .
ويتأتى فقدان الجمالية من الطريقة التي تُساءُ بها معاملة الأجساد فهي لم تعد تحاط بالعناية التي يفرضها تمجيد الجمال الذي هو أحد مواصفات الإسلام القديم ، ومن المهم لهذا الجسد أن يكون على تماس مادي من الأشياء التي تُجلّ بدورها مبدأ الجمال .
ولهذا كانت حضارة الإسلام واحدة من الثقافات الكبرى التي عُنيت بالفنون الموصوفة بالصغرى حيث إنتشرت الأدوات المصنوعة من الخشب والنحاس والحجر والفخار والنسيج والقطن والصوف والكتان والحرير وكلها أشياء رائعة مخصصة لتمجيد الجسد في تحركاته .
فأية لجة ظلامية إبتلعتها ووارتها عن الانظار ؟ وفي خصم أيّة غياهب دين جديد غرقت ؟ فلو كنت رجل دين ومحتسباً لكنت رددت هذه الرسالة الإسلامية الى مرسلها قائلاً لأشباه المتعلمين من جماعة الإسلام السياسي والجهادي لهؤلاء المصابين بالحقد الذين يسارعون إلى اصدار الاتهامات والتكفير والتهديد