لاحظت مصادر ديبلوماسية غربية أن تقارير الأمم المتحدة حول السلاح الكيماوي السوري، سجلت استعمال النظام لهذا السلاح، وأن مجلس الأمن يناقش تلك التقارير من دون إبداء أي ردود فعل حتى الآن. وهناك جلسة خاصة لهذا الموضوع على شكل إحاطة تعقد شهرياً لإبلاغ المجلس أين وصل العمل في التفتيش حول نقل الكيماوي.
وتفيد هذه المصادر، أن طرح الموضوع جدياً أمام مجلس الأمن للنظر به واتخاذ الموقف المناسب من خلال استصدار قرار، لا يزال سابقاً لأوانه، مع أن كل الاحتمالات أمام طرح مثل هذه المسألة تدرس، إنما لا يوجد قرار دولي باللجوء في هذه المرحلة إلى مجلس الأمن للنظر في مسؤولية استخدام الكيماوي والعقوبات التي يجب أن تفرض على الشخصيات التي أمرت باستخدامه.
ويبدو أنه بالنسبة إلى الملف السوري، فإن التصعيد قائم على الأرض، وليس في السياسة، أي سياسة الدول الكبرى تجاه النظام، وتحديداً قبل نهاية حزيران المقبل، حيث الموقع الأقصى لتوقيع الاتفاق الغربي مع إيران حول برنامجها النووي، كل طرف في سوريا والمنطقة يعمل على تحصين المواقع، مع الإشارة إلى استمرار تقدم المعارضة السورية، والجميع يراهن على الوقت، لإحراز تقدم أكبر على الأرض.
في مجلس الأمن إذاً، لن يُتخذ حالياً أي قرار حول استعمال الكيماوي. مع أن المصادر تكشف أن هناك مشروع قرار أميركي يتضمن آلية لتحديد المسؤولية عن استعماله وعقوبات على المسؤولين. وهذا المشروع تتم مناقشته على نطاق ضيق جداً، أي بين الدول الخمس الدائمة العضوية، ويلزم للسير به في المجلس قبولاً روسياً لا يزال غير واضح، ثم التوقيت المناسب لطرحه سياسياً.
القبول الروسي للمشروع مهم جداً، لا سيما أن موسكو وواشنطن هما اللتان أنجزتا الاتفاق حول السلاح الكيماوي السوري، ويجب أن تستكملا العمل حوله من كل جوانبه، فهل ستستطيع موسكو أن تتخطى أي إحراج سياسي في اللجوء إلى المجلس لمقاضاة النظام؟
من غير الواضح بعد موعد صدور القرار، وهو لم يتم تقديمه إلى المجلس للنقاش رسمياً، ولا العقوبات التي ستفرض وفي أي اتجاه ستذهب وأي اتجاه ستسير الصياغة النهائية للمشروع. الهدف الأخير طبعاً هو النظام وفرض عقوبات عليه. الأصداء عن اللقاء الذي جرى بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية الأميركي جون كيري قبل نحو أسبوعين، كانت إيجابية، بعد مرحلة من التباعد والتشنج. لكن المهم الموقف على الأرض والأفعال التي ستقوم بها روسيا، في حدود التعاون في المنطقة، لا سيما بالنسبة الى مشروع القرار حول الكيماوي. لكن هناك خشية من ان روسيا لن توافق على القرار لأنه يطال رأس النظام.
وتكشف المصادر، أن أي ملف إقليمي لن يسجل اختراقاً جوهرياً قبل التوقيع مع إيران على النووي. وهذا التوجّه ينسحب على مشروع القرار حول الكيماوي. إذ إن واشنطن لا تريد أن تقوم بأي أداء مهم في كل المواقع، قبل التوصل الى هذا الاتفاق. فهي طرحت مشروع القرار، لكنه سيسير ببطء ريثما تتضح صورة اتفاق النووي نهاية حزيران، أي أنه في الوقت الحاضر لن يتخذ أي قرار، وإيران هي الأولوية، ولا أولوية قبل الانتهاء من الملف النووي، في المنطقة.
وتكشف المصادر، أيضاً، أن الملف السوري سيصبح أولوية بعد التفاهم النهائي حول النووي، وسيصار إلى إعادة الاهتمام بملفات المنطقة الأخرى المطروحة، كترجمة لأي تفاهم مرتقب غربي إيراني في المرحلة التي تلي الاتفاق.
الملف السوري سيصبح أولوية، في ظل الاستعداد الدولي الذي يتمثّل بما يقوم به الموفد ستيفان دي ميستورا من مشاورات مع كافة الأفرقاء السوريين وغير السوريين للانطلاق مجدداً بمؤتمر «جنيف 3» على أساس وثيقة «جنيف 1» بعدما أفشل النظام مؤتمر «جنيف 2». ما يعني أن الموفد الدولي يعمل لوضع الحل السياسي على السكة للانطلاق به بعد التوقيع على النووي، إذ تصبح عندها الأجواء مهيأة للتفاهمات، مع أن الارض هي التي ستحكم الامور على طاولة التفاوض حول سوريا.
على أن الاتفاق الدولي حول مسار الوضع السوري هو الذي يؤثر في مهمة دي مستورا، ويشكل آلية ضامنة للحل. ويبدو أن كل القرارات المصيرية حول الملف السوري، بما في ذلك المحاسبة حول استعمال الكيماوي، والحل السياسي، تراوح مكانها في انتظار التوقيع على النووي، وهو الأمر الذي سينعكس على كامل ملفات المنطقة وليس على الملف السوري فحسب.
بقلم: ثريا شاهين