بعد مرور 15 عاما على تحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي ، تحول هذا اليوم بكل اسف الى يوم حزبي بامتياز، فلم يعد يشعر اللبنانيون بأن هذا اليوم يلامس مشاعرهم، ولا أنّه يوم مفصلي ساهم في تغيير يومياتهم او أضاف شيئا جديدا الى حياته.
فاللبنانيون، أصحاب الذاكرة القصيرة جدا، يكاد معظمهم ينسى حتى ان العدو الإسرائيلي كان يوما ما جاثما على ارضنا، محتلا لقرانا وتلالنا، خصوصا بعد مرور كل تلك الأعوام ونشوء جيل جديد لم يعايش ولم يشهد تلك المرحلة من تاريخنا. حتى ان كثيرين من المنضوين حاليا تحت ما يسمى “المقاومة”، ويحملون سلاحها، لم يُطلقوا رصاصة واحدة من سلاحهم باتجاه العدو الاسرائيلي ومع ذلك يصرون على دمغه بختم “المقاومة”.
كنا نعتقد، او هكذا قيل لنا بان الاحتلال الإسرائيلي هو ام المصائب، وهو علة العلل لجميع معاناتنا ومشكلاتنا وبأنّ المن والسلوى ستنزل على بلادنا بمجرد دحره عن ارضنا واخراجه من بين ظهرانينا، وعندها فقط ستتجه كل الجهود والطاقات صوب الانماء والتنمية ليرجع لبنان الى سابق عهده الذي كنا نسمع عنه، وعليه قاومنا وقاتلنا وحررنا على هذا الامل.
واليوم، وبعد مرور كل هذه السنوات على التحرير نكتشف ان إسرائيل ليست وحدها الغدة السراطانية التي تريد ان تنهش جسد لبنان. اذ حتى اللحظة لا انماء حقيقي ولا من ينمّون، ولا اقتصاد ولا من يقتصدون، ولا استقرار ولا من يستقرون، لا كهرباء ولا ماء، لا مدرسة رسمية وطبعا لا جامعة، ولا ولا ولا…
كل هذه اللاآت التي ظننا، نحن الجنوبيين بشكل خاص، اننا سنتخلص منها بعد 25 أيار 2000، وبأن اجسادنا وعرقنا ودماءنا التي زرعناها في الأرض، ستنبت تحريرا حقيقيا وليس مجرد شعارات تبقينا تحت احتلالات العوز والهجرة والقلق المستمر على الحاضر والمستقبل.
الا ان الملفت في الموضوع هو ان كل هذه الازمات التي نعيشها نحن المواطنين العاديين هي غير مرئية من جماعات حزب الله والمنتسبين اليه، ببساطة لانهم يعيشون في دولتهم الخاصة التي تؤمّن لهم كل احتياجاتهم بدون أي نقصان، فلهم رواتبهم ولهم مدارسهم ولهم مستشفياتهم ولهم حتى كهرباؤهم ومياههم دوننا، وعندهم شبكة تلفوناتهم وقبل ذلك وبعده عندهم سطوتهم وزهوهم على كل الآخرين.
طبعا، وبعد كل هذا، يحقّ لحزب الله واتباعه ومريديه ان يحتفلوا وان يعتبروه عيدا لهم، فيما نحن المساكين كل المطلوب منا هو ان نعيش في خدعة اخترعوها لنا لنتلهّى بها وفيها عن مآزقنا. خدعة سمّوها ” الكرامة ” و”العزة”، التي تُزهق يوميا على باب مستشفى او امام تأنيب مدير مدرسة يطالبنا بالقسط المترتب علينا.
ختاما، لا بد في هذه المناسبة ان نستذكر مقولة الشهيد الكبير السيد عباس الموسوي: “كما قاومنا الاحتلال سنقاوم الحرمان، ولن نسمح بأن يبقى حزب الله يحتفل واللبنانيون يتألمون.