وما التحرير إلا دعابة صدقناها ، حيث تناسينا أو نسينا أنّه لم يكن التحرير يوماً فقط بدحر العدو الصهيوني، نعم ،لا ننكر أن 25 في أيار هزم العدو الإسرائيلي شر هزيمة ولا ننكرأانهم رحلوا مطأطئي الرؤوس خائفين ، لكنهم لم يخسروا نهائياً إذ أنّ الإحتلال بقي ، بأنواعه الكثيرة، الإقتصادية والفكرية ومحاولة مسح الهوية العربية...
وهذه الإستراتيجية من الغزو من أخطر الأنواع إذ أنها وبكل بساطة تسيطر على فكر الإنسان وعلى النظام السياسي وعلى وجود الإنسان وتصرفاته وحياته . هذا السوس الذي نخر في حياتنا ولا زال مرافقنا ، والذي يعرض الجيل الجديد لخطورة فقد الهوية العربية بسبب التشويه الذي يحاول بثّه عبر وسائل التكنولوجيا بأننا شعب تابع للعالم الثالث ليس إلا وليد لإحتلال منذ بداية الإنتداب الفرنسي والذي أجدادنا جعلوا منه خلاصنا فأوقفنا أنفسنا عن التفكير بحريتنا الفكرية وإتبعنا العالم الأول ، وما هذا التصنيف الذي وضع إلا من صنع البلاد الخارجية ومن خضوعنا للواقع الذي فرضوه علينا .
نحتفل بالتحرير وندعي أننا ديمقراطيون وفي المقابل لا نتقبل الآخر، ندعي للحرية ونقاتل لأجلها وفي المقابل نحن ننفذ مشاريع لبلدان خارجية ، إذ أننا إن أردنا التعمق في الحياة التي نعيشها نعلم أن شبابنا تقتل بسبب احتلال فكريّ من قبل القادة الخاضعين لسيطرة مشروع خارجي ونجد التعصب الطائفي يقتل إنسانيتنا في حين أنّ هناك من يلعب على هذا الوتر، وهذا ما معناه أننا لا نفكر ولا نستغل عقلنا كما نريده نحن إنما كما يريده الآخرون يدار .
بعض الهرطقات يقولها أحد المسؤولين ، نصدقها ونحن معصوبي العينين نمشي وراءه ، وبحفنة دولارات يشتروا أفكارنا وإنسانيتنا وحريتنا، بكلام معسول عن الحرية نتبعهم رغم أننا في قرارة أنفسنا نعلم أنهم ينفذون أقوال الخارج .
فأيّ تحرير ندعي وبأيّ انتصار نحتفل؟
براثن الطائفية تتآكل أرواحنا ورغبة في قتل أخي الإنسان لأنه يخالفني الآراء تسكن في قلبي، هذا ناهيك عن التبعية الإقتصادية التي تربطنا بالمستعمر السابق وخير دليل عل ذلك أن الأسعار تتغير تبعا للأسعار في البلاد الغربية .
وهذا كله ينطوي تحت اسم الإحتلال ويمكن أن يمر، و لكن ألا يتم انتخاب رئيس جمهورية إلا بمشورة البلاد الخارجية الفارسية أو الأجنبية أو الخليجية ، وإلا بموافقتهم الرسمية وأن نلجأ إليهم لأجل إيجاد حلول لمشاكلنا هذا ما يرفضه أي عقل عندما نقول عيد التحرير .
فيا ليت العقول تتحرر قبل الأراضي ، وليت رئاسة جمهوريتنا تتحرر ولا تبقى مرهونة بإشارة من الخارج .