لم ينسَ الشمال جيشه في "البارد" ، ولم يتركه في تلك المعركة وحيداً ، فبالرغم من كل ما يقال عن الشمال وكل ما يلحق به من صفات إرهابية وداعشية ، هناك حقيقة واحدة لا يمكن أن يخفيها المتآمرون على المدينة ألا وهي :
لولا الشمال وأهله لما انتصر الجيش .
وهذه ليست بمنة من أهل الشمال للجيش ، فالشمال ولاسيما عكار خزان الجيش اللبناني ، ولا يخلو بيت من جندي ولا من "البدلة" و ، وهذه المعركة قد أثبتت العشق للمؤسسة العسكرية والإنتماء إليها .
105 أيام ، مدة المعركة عايشها أهل الشمال قلباً بقلب مع جيشه ، هلل لكل نصر ، وبكى لكل شهيد ، وأعلن أن لا خطوط حمر إلا العسكر .
فخلدون ابن طرابلس وهو مغترب لبناني ، في ألمانيا ، ترك عائلته وأخذ إجازة ونزل للبنان عند اندلاع هذه المعركة منذ ثماني سنوات .
وفي اتصال معه ، عن سبب نزوله في ذلك الوقت الخطر ، قال :
"حبيت كون قريب من منطقتي من جيشي ما قدرت تابع من بعيد ولو اضطر الامر لقاتلت مع الجيش " .
محمد ، تخلى عن عمله الذي يعمله به منذ سنوات ولبى نداء الجيش في حينها ، والتحق به ، وعند سؤاله :
هل ما زلت تعتبر أنك اتخذت القرار الصائب حينها ؟
أجاب : "بدون أي شك ، كل من حارب هناك هم أهلي وكل جندي هو أخي وكان لا بد أن ألتحق "
أما عن كون لم يخف من الموت ؟
قال : "الشهادة ببدلة الوطن شرف "
كما وأخبرنا أنه من الجنود الذين تعرضوا للتسمم أثناء المعركة .
هذا الإندفاع ليس فقط ذكورياً ، فندى تقول ، كنت أتمنى حينها أن أحارب ، حينما كنت أشاهدهم يحققون الإنتصارات كان قلبي يتراقص فرحاً .
لتضيف أمل : "المرة الوحيدة الي تمنيت فيها كون شاب هي وقت معركة البارد ، تحارب حد الجيش " .
أهل الشمال عبروا حينها عن كامل محبتهم لجيش لبنان برش الأرز احتفالاً بالنصر ، بالزفة التي راقصت الجنود ، بالنساء والرجال والأطفال ، الذين احتشدوا في الشوارع مرددين اسم الجيش هاتفين للجيش .
معركة البارد ، حقق بها الوطن انتصاراً ساحقاً ، وقدم في ميدان الشهادة أكثر من 170 شهيداً وعديداً من الجرحى ، معركة كانت للوطنية ، و وطنية طرابلس والمنية وعكار وسائر الشمال كانت الرادع القوي لأي تطاول على الجيش ، والحامي لسيادة "البدلة العسكرية " .
واليوم وبعد ثماني سنوات ، لم يتغير شيء ، فما زال الجيش في قلب الشمال ، وكل ما يساق عن طلاق بيننا وبين العسكر ، نرد عليه بالقول :
نحن "العسكر " ، نحن "الجيش" ، هنا "الشمال " .