الغيرة شائعة بين الناس، وهي كغيرها من المشاعر طبيعية جدّاً تماماً كالحب والبغض والألم والغضب. ومنذ العصور القديمة، التصق مفهوم الغيرة بالمرأة واعتُبرت من صفات الأنوثة التي يصعب على النساء إخفاؤها. ولكنّ للغيرة وجهين، أحدهما إيجابي ومقبول والثاني سلبي ومرفوض. فهل تُعتبر الغيرة دليل حبّ؟ وماذا لو تخطّت خطوطها الحمر؟
تُعتبر الغيرة «مقبولة» إذا ساعدت في نموّ العاطفة وأشعلت الحب، في حين تتخّذ منحىً سلبياً «مضرّاً» و«خطيراً» متى تحوّلت غيرة مرضية و«حسداً». وهنا نتساءل، ما هي أنواع الغيرة وأشكالها؟ وهل الغيرة شعور طبيعي؟ أو هي نوع من أنواع الاستملاك؟ هل يمكننا قياس الحب حسب قدر الغيرة؟ وهل الغيرة سمة ذكورية أيضاً أم أنّها شعور أنثوي فقط؟• ما هي الغيرة؟
الغيرة موجودة في كلّ بيت ولدى كلّ إنسان، هي لا يُستثنى منها أحد وهي شعور مكتسب. وبالنسبة إلى علم النفس عموماً والتحليل النفسي خصوصاً، فإنّ الغيرة إحساس باطني بعدم الأمان النفسي.
وهي موجودة عند الجنسين وتظهر منذ أسابيع الولادة الأولى وترافق الإنسان مدى حياته. أمّا درجاتها فتتفاوت ما بين الغيرة المعتدلة والمقبولة أو الزائدة وغير الطبيعية والتي يمكن أن تسبّب الكثير من المشكلات في المجتمع وفي الأسرة وعلى الصعيد الشخصي.
• أنواعها؟
أنواع الغيرة كثيرة ومختلفة، بعضها إيجابي وبعضها الآخر سلبي وغير مقبول يجعل من حياة الإنسان والمحيطين به جحيماً. ومن أبرز أنواع الغيرة نذكر:
- الغيرة الإيجابية: وهي الغيرة التي نجدها بين الزوجين اللذين يحبان بعضهما بعضاً كثيراً. فالقليل من الغيرة يفيد العلاقة الغرامية شرط ألّا تتخطّى الحدود المقبولة. كذلك، نجد هذا النوع من الغيرة بين الأصدقاء الحقيقيين والزملاء الذين يهتمّون بمصلحة بعضهم بعضاً.
- الغيرة المَرَضية: وهي عندما تتحوّل الغيرة الإيجابية تشكيكاً ومشاجرات ومشكلات وخلافات، يكون سببها الشك غير المنطقي وعدم الثقة بالآخر أو بالذات.
- الغيرة الأخوية: والتي نجدها بين الإخوة خصوصاً في حال التمييز في ما بينهم. وطبعاً، إنّ هذا النوع من الغيرة غيرُ مؤذٍ إلّا إذا مسّ بالمحبّة بين الإخوة.
- الغيرة بين أصحاب الجنس الواحد: وهي غيرة الرجال من بعضهم بعضاً أو غيرة النساء وتتّخذ منحى المنافسة في ما بينهم. وإجمالاً، نادراً ما يكون المظهر الخارجي هو السبب الحقيقي وراء غيرة الرجال من بعضهم. أما الغيرة بين النساء فمن النادر أن تكون إيجابية وغالباً ما ترتكز على المظهر الخارجي أو الشهرة، وتأخذ طابعاً مؤذياً وتخلّف آثاراً سلبية.
أسبابها
لا يمكن إحصاء أسباب الغيرة. بعضها شخصي- نفسي وبعضها الآخر عائلي وقد يكون سببها اجتماعياً أيضاً. ومن أهمّ أنواع الغيرة هي التي نراها بين الزوجين وتحديداً غيرة المرأة على زوجها وتولّد شعوراً بالانزعاج قد يبلغ حدّ العدوانية. في هذه المرحلة، تحتاج المرأة إلى الاحتواء ويعني ذلك أنّ على الزوج تفهمها واستيعاب غيرتها من دون استعمال كلمات المديح الكاذبة لأنها قد تزيد من الغيرة.
كذلك، على الزوج عدم توجيه الاتهامات لزوجته كـ«قلّة العقل» أو عدم وثوقها به. يُذكر أنّ ثمّة رجالاً يحبّون - بطبيعتهم التكوينية النفسية - إثارة غيرة زوجاتهم. وهنا يلعب مدى النضج العاطفي بين الزوجين دوره، فينتج عن ذلك إمّا:
- تقبّل الزوجة وبصمت ومن دون ردّ فعل عكسي محاولات زوجها إثارة غيرتها.
- أو دخول الزوجة بنوبات غضب وفقدان الأعصاب.
• هل يغار الرجل على زوجته؟
من المؤكد أنّ الغيرة ليست محصورة فقط بالمرأة. فبما أنّ الغيرة شعور إنساني، فهذا يعني أنّ الرجل يغار أيضاً ولكن كما سبق وذكرنا، فإنّ غيرته مختلفة تماماً عن غيرة المرأة. فممّن يغار الرجل وعلامَ؟
غيرة الرجل تختلف نوعاً وكمّاً عن غيرة المرأة ومن أنواعها:
- الغيرة على زوجته من رجال آخرين (إخوته وأصدقاؤه...) وهذا النوع من الغيرة طبيعي جداً بين الزوجين.
- الغيرة من زملائه وأقاربه ومنافسيه.
- الغيرة من أولاده إذا زادت عناية أمهم بهم على حساب عنايتها به.
• هل من علاج لها؟
طبعاً هناك تصرفات يجب اتّخاذها في حال وجود غيرة بين الرجل وزوجته:
- التعقل وفهم الآخر في حال الشك بوجود غيرة بين الرجل والمرأة: ويعني ذلك، عدم التسرّع بالقرارات وعدم إلقاء التهم بشكلٍ عشوائي ومؤذٍ والابتعاد عن الأحكام المسبَقة.
- الابتعاد عن مسبّبات الغيرة: أصدقاء أو سلوكيات أو تصرّفات أو حتى أحاديث تثير غيرة أحد الطرفين. فإذا كان يعرف الزوج بأنّ هذه الفنانة أو هذا الحديث يثير غيرة زوجته، فعليه عدم إزعاجها في هذا الموضوع.
- عدم سوء الظنّ والثقة الموضوعية بينهما: وهما من أهمّ شروط الحياة الهادئة.
- رفع معنويات الرجل لزوجته والعكس صحيح: ويعني ذلك، إظهار الاهتمام وصفات كلا الطرفين الحسَنة.