ما إن انتهت إنتخابات أعضاء المجلس الشرعي ولا سيما في الشمال وعكار ، حتى بدأت حملات الإنتقاد تطال التيار السني المتجه للإعتدال ، تيار المستقبل ، إستناداً لشخص مرشحيه .
فعلي طليس والذي هو عضو سابق في مسابقة إنتخاب ملكة جمال لبنان ، لم يكتمل تنصيبه حتى بدأت الصور تنتشر له على مواقع التواصل الإجتماعي مع حملة واسعة من الرفض والإستنكار .
والأمر سيّان للمرشح معين المصري .
لم يتساءل أحد عن كفاءة المرشحين ، أو عن خلفيتهما الفكرية ، أو ماذا سيقدمان ، كل الهجوم كان على "الحياة الخاصة" لكلّ منهما .
فصور السهرات برأي المتابعين لا تتماشى و عضو في المجلس الشرعي !
ولكن ، قبل الهجوم على المجلس الشرعي ، يجب التوقف عند نقطة هامة :
من قال إنّ على أعضاء المجلس الشرعي أن يكونوا من أصحاب العمامات ، فالمسائل التي يتوّلاها أعضاء المجلس ، هي مسائل إدارية وقانونية وفقهية ، تقوم على العلم والفكر والدراسات لا على المنابر .
من جهة أخرى وقبل الرجم ، لماذا لا نقوم بالإشادة على الإيجابية التي خلقها هذا المجلس المنتخب ، وعلى الجو المتفائل الذي تلا إنتخابه ، هذا الجو الآمل بتطوير المجلس وتحسينه .
ولكن لا ، فسياسة النقد عند المتعصبين السنّة هي "عادة " ، وكونه لم يتوفر للناقدين مسافة للإنتقاص من إنتخابات المجلس ، هذه الإنتخابات التي أعطت درساً في الديمقراطية لسائر الطوائف ( فعلى سبيل المثال الأصدقاء من الطائفة الشيعية تمنوا من الثنائي أمل وحزب الله توفير جو من الإنتخابات كما حصل في مجلسنا ) ، إتجهوا للحياة الخاصة للأفراد .
هنا سأتوقف عند سؤال وهو النقطة الأهم ؟
أن يأتيَ المجلس الشرعي الإسلامي السني في هذه الصورة المتنورة في وقت تحسب به كل من داعش والنصرة على السنة ، وأنّ التطرف من الشمال بشقيه الطرابلسي والعكاري .
ألا يجب إعتباره (أي المجلس الشرعي) رسالة تنويرية يهنأ عليها المستقبل والمجلس ؟
فالأصوات التي إعتبرت كل من علي ومعين غير مناسبين ، لماذا لم يعترضوا على حبلص ؟ والمولوي؟
وكأنّ الطائفة السنية برأي البعض حكراً فقط على الإرهاب وعلى التطرف ولا يحق لها الظهور بمفهوم منفتح للفكر والعقيدة .
بإختصار ، إنّ المجلس الشرعي بصورته هذه يمثل السنة ، السنة المعتدلة ، والخط الديني الذي يرفض كل النعرات الطائفية .
وإن كانت الاتهامات التي تساق على أعضائه تأتي تحت بنود العلمانية ، فعلمانية الفكر لا تتعلق لا بالدين ولا بالكفر ، الدين هو ممارسة وعلم وثقافة ودراسات ، والعبادة هي علاقة خاصة بين العبد والإله ، بينما الفكر والتعاطي مع الآخر ، الشريك في الوطن ، لا يحتاج لا لتسابيح ولا لصلاة جمعة ، وإنما يحتاج لفكر منفتح على كل الأفاق ، وإن كانت العلمنة هي الحل ، فلتكن العلمانية الفكرية حينها هي السبيل .