في إطار القمة الأميركية الخليجية التي ستعقد اليوم ، تلبيةً لدعوة الرئيس الأميركي باراك أوباما للقاء يجمعها مع ملوك وأمراء دول الخليج العربي في الثالث عشر والرابع عشر من الشهر الجاري ، في كامب ديفيد في واشنطن .
أعلنت المملكة العربية السعودية أنها ستنيب عنها ولي العهد الأمير محمد بن نايف وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لحضور القمة .
وكذلك تبعتها باقي الدول الخليجية في الإعلان عن إرسال مبعوثين عنها لحضور القمة لعدم تمكن أمرائها وملوكها من الحضور لأسباب متنوعة ، بإستثناء الكويت حيث سيحضر أميرها صباح الأحمد الصباح وكذلك قطر حيث سيشارك الأمير تميم بن حمد في هذه القمة.
وقد أكدّ وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في مؤتمره الصحافي الذي عقده في السفارة السعودية في واشنطن ، أنّ قرار الملك سلمان بن عبدالعزيز عدم الحضور شخصياً ليس مؤشر على أيّ خلاف مع الولايات المتحدة الأميركية.
ولا شكّ أنّ الرئيس الأميركي يحاول من خلال هذه القمة التي أتت مع فترة توقيع إطار الاتفاق النووى الإيراني ، أن يدلل على أنه يبذل جهداً في تحقيق توازن القوى في المنطقة ، دون أن يشعر أي طرف أن واشنطن تميل إلى كفته .
فضلاً عن أنّ هذا اللقاء سيطمئن أعضاء الكونغرس المعارضين للإتفاق النووي بأنّ تحقيق هذا التوازن من شأنه تعزيز الدور القيادي لأميركا في العالم سياسياً واقتصادياً .
إلا أنّ الهواجس الخليجية والتي نشأت بسبب تهاون الرئيس الأميركي بالملفات الساخنة في المنطقة العربية وتردده في إيجاد الحلول الحاسمة لها يبدو أنه لا تزيلها الطمآنات الكلامية الأميركية .
فالحقائق التي يدركها قادة الدول الخليجية ، هي أنّ إيران على بعد أشهر قليلة من إمتلاك قنبلة نووية بحسب تسلسل عمليات التصنيع هذا إن لم تكن فعلاً قد إمتلكتها خلال سنوات التفاوض التي ذهبت سدى. كما أنّ الإتفاق النووي يشكو من ثغرات واضحة :
أولّها : أنّه يؤجل الطموح الإيراني بإمتلاك القنبلة النووية ولا يحسمه ، بل يسمح لإيران بإسترداد أموالها وعودتها للسوق العالمية ، ممّ يجعلها أكبر قوة للإنفاق على وجودها العسكري في المنطقة .
وكذلك أكثر تمكيناً عسكرياً حينما تنتهي الخمسة عشر عاماً ، ممّ يجعل أمر إعلان إيران دولة نووية، لن يتأخر سوى أياماً عن هذه المهلة .
والتخوف الخليجي هو أنّ إيران سواء نووية أو غير نووية هي تهديد كبير لهم ، وهذا مختصر الرسالة التي على أوباما أن يفهمها ، وعلى الخليجيين أن ينتهزوا فرصة اللقاء للحصول على ضمانات أمنية تتجاوز الموضوع النووي إلى كل ما يمس أمنهم الداخلي .
فالدول الخليجية لا تشعر بالثقة تجاه إيران ، وكل محاولات الحد من طموحها بالهيمنة على المنطقة العربية باءت بالفشل من جميع الأطراف العربية والغربية .
وبالتالي فإنّ هذه الدول تخشى أن تكون القمة الأميركية الخليجية مناسبة للمجاملات ، ومحاولة لتسويق الإتفاق النووي مع إيران ، الذي وإن ضبطها نووياً فعلاً ، فإنّه لن يردع طموحها في المنطقة ، بل على العكس سيجعلها مع رفع العقوبات أكثر قدرة على التمدد والتوسع خارج حدودها .
فقرار الملك السعودي بعدم الذهاب لحضور قمة كامب ديفيد وإنابة ولي العهد تمثيله فيها ، لم يكن مفاجئاً ، ذلك أنّ العرب لم يحصدوا من الرئيس الأميركي باراك أوباما منذ دخوله البيت الأبيض سوى الخيبات . فقد سقطت وعوده بإقامة الدولة الفلسطينية ، وباع العراق للإيرانيين ، وأوجد فراغاً في سوريا ملأته داعش ومثيلاتها ، وأغلق سفارته في اليمن هرباً من تمدد الحوثيين .
وعليه فإن أسفرت القمة الأميركية الخليجية عن نتائج معقولة - وهذا أمر مشكوك فيه - كان به ، وهو أمر جيد ، وإن كانت لمجرد تسويق الإتفاق النووي مع طهران ، يكون الملك سلمان قد إنصرف إلى شؤون اليمن الساخنة.