قبل عامٍ ونيّف خاض حزب الله نفسه وجيش النظام السوري نفسه ، معركة القلمون ذاتها التي يخوضانها اليوم ، وقبل أن يخوضوا تلك المعركة قبل عام ، طبّلوا وزمّروا ومهدوا لها ، بأغنية "إحسم نصرك في يبرود" من أجل التعبئة المذهبية والتجييش، وقد حصلت تلك المعركة فعلاً ، وأعلن حزب الله نصره الإلهي في القلمون .
وقال يومها بأنّ القلمون أصبحت تحت سيطرته وسيطرة النظام السوري وبأنّ المسلحين غادروها إلى غير رجعة، ليتبين بعد أشهرٍ قليلة بأنّ معركة القلمون لم تُحسم على الإطلاق، وبأنَ النصر الذي أعلنه حزب الله، هو نصر وهمي .
والدليل القاطع على ذلك، أنّ حزب الله والنظام السوري عادوا من جديد ليطبّلوا ويزمّروا لمعركة القلمون ، والتي خيضت في الإعلام وفي مواقع التواصل الإجتماعي قبل أن تبدأ على أرض الواقع ، وحيكت حولها الأساطير وسيل من الأكاذيب، ما أضطر حزب الله إلى إصدار بيان يكذّب كل ما حُكي عن لسانه ونيابةً عنه ، لجهة البطولات والملاحم الأسطورية وفرار المسلحين قبل بدء المعركة .
قبل عدة أيام بدأت فعلياً معركة القلمون، وبدأ الإعلام الحربي التابع لحزب الله بتغطية تفاصيل تلك المعركة ساعة بساعة، وحزب الله أصبح مضطراً لبثّ تلك التفاصيل وتعظيمها بشكل يومي، لإستعادة بعض المعنويات التي فقدها جمهور الممانعة بعد الهزيمة التي لحقت بالنظام السوري في إدلب وجسر الشغور.
لكن كيف تستعاد تلك المعنويات ، وحزب الله الذي إنتصر في معركة القلمون قبل عامٍ ونيّف يخوض اليوم المعركة نفسها وبضراوة أشدّ من الأولى ؟؟؟
وحزب الله لن يستطيع منع جمهوره من طرح أسئلة تحرجه وتربكه من قبيل :
كم مرّة سنخوص معركة القلمون ؟
وإلى متى سنخوض المعارك نيابةً عن النظام السوري، في وقتٍ يتقهقر هذا الجيش في غير منطقة من سوريا، ودمشق أوشكت أن تفلت من قبضته، يضاف إلى ذلك ، هاجس الإنشقاق والإنتحار والإجبار على الإنتحار والحقن بالمواد القاتلة والإقامات الجبرية التي تلاحق كبار ضباطه وجنوده ؟؟
إلى متى سيبقى شبابنا يموتون دفاعاً عن النظام السوري؟؟
والأجوبة ستكون مزيداً من خطابات التعبئة والتخويف والتبرير وإنتقاء العناوين والشعارات ورفع المعنويات التي تحاول إقناع الجمهور بصوابية مشاركة حزب الله في تلك الحرب العبثية دفاعاً عن النظام السوري.
وفي إحدى تلك الخطابات لأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله قبل أقلّ من شهر، دعا المعارضة السورية لوقف القتال في سوريا فوراً والذهاب إلى تسوية مع النظام، وأضاف حرفياً : " القتال في سوريا أصبح كمن يضرب رأسه بالحيط " .
وهذا التوصيف هو غاية في الدقّة ، لكنّه ينطبق على قتال حزب الله في سوريا أكثر ممّ ينطبق على قتال المعارضة السورية ، التي تقاتل على أرضها والتي لن تخسر سوى قيدها .
أما حزب الله فقد خسر كل رصيده وما زال يخسر ، لأنه يقاتل على أرض غيره ، ويناصر نظام لا يختلف إثنان على إستبداده وإجرامه .
كما أنه لن يستطيع منع جمهوره من طرح أسئلة وإن بصوت خافت.
وبالنسبة للنظام السوري فإنه يخسر يومياً المزيد من المناطق والمواقع والمعابر والضباط والجنود والمعنويات، بعد أن أنهك وإستنزف، وهو في طريقه إلى السقوط الحتمي على خطى الأنظمة التوتاليتارية التي سبقته إلى المصير المحتوم .
ولن تتمكن إيران وكل ميليشياتها من إعادته إلى شبابه بعد أن عاث في الأرض فساداً وإستبداداً وإجراماً ومتاجرةً ، لأنّ الشعب السوري أراد الحياة بحرية وكرامة، وسيكون له ما يريد، ولن يستطيع الإرهاب بنظامه وتنظيماته ومرتزقته من لَي ذراع هذا الشعب وكسر إرادته .