بدأت حرب القلمون إعلاميا قبل أن تبدأ، وحشد حزب الله إعلاميا لمعركته قبل حصولها أو مع بداية مراحلها الأولى وتقصد الحزب الإيحاء من خلال إعلامه تصوير هذه الحرب بالخطر الداهم الذي يلف لبنان كله وأعد سيناريوهات إعلامية عدة حول نتائج العمليات العسكرية في القلمون التي من شأنها أن تؤدي الى عودة المسلحين إلى المناطق اللبنانية عموما وجرود عرسال خصوصا الأمر الذي سيؤدي الى زج لبنان كله من جديد في أتون المعارك التي يخوضها حزب الله منفردا .
إن المعلومات التي انتشرت يوم أمس في وسائل إعلام الحزب ووسائل الإعلام التابعة و المؤيدة حول معارك القلمون لم تكن مهنية بحتة أو حيادية بل كانت عبارة عن خطة مدروسة هدفها التمهيد لزج لبنان في مواجهة التداعيات التي قد تنشأ من معركة القلمون، وإعادة توريط الجيش اللبناني بالدرجة الأولى في مواجهات مع المسلحين، بعد التأكيد الإعلامي في أكثر من وسيلة من وسائل الحزب على انسحاب المسلحين إلى داخل الاراضي اللبنانية شمالا وبقاعا وخصوصا منطقة جرود عرسال ،ويأتي ذلك بعد إعلان قيادة الجيش والحكومة اللبنانية تحييد لبنان عن معركة القلمون التي يخوضها الحزب .
وفي الوقت الذي يعلن فيه حزب الله أن معاركه هذه هي انتصار للبنان ودفاعا عن لبنان وحدود لبنان فإنه يناقض نفسه بنفسه عندما يعلن أن من نتائج المعركة التي يخوضها اليوم في القلمون عودة المسلحين الى الداخل اللبناني ما يعني الفشل في تحقيق الهدف الذي يعلنه الحزب من تجنيب لبنان خطر المسلحين إلا إذا كان الهدف الضمني والأساسي للحزب هو الدفاع عن النظام السوري وحده، دون الإلتفات إلى مخاطر هذه المعركة وتداعيتها على الداخل اللبناني سياسيا وأمنيا والتي من شأنها أن تكرس من جديد الإنقسامات السياسية والمذهبية والطائفية وتعيد الجيش اللبناني إلى مسرح المعارك غير المتكافئة والجميع يعلم أن القدرات العسكرية المحدودة للجيش سترتد سلبا على ضباطه وعناصره في أي معركة قد تحصل .
وإذا كان هدف الحزب حماية لبنان من التكفيريين كما يقول فإن تداعيات معركة القلمون على لبنان يتناقض مع هذا الهدف ويناقض أيضا مع ما يعلنه الحزب نفسه عن هذه المعركة فماذا سيفعل الحزب لبنانيا للحؤول دون توريط لبنان في مزيد من الأزمات ؟
مصطفى ناصر