على وقع طبول الحرب على الحدود اللبنانية السورية والتي تنذر بانعكاسات على الداخل اللبناني , يهدد التيار الوطني الحر بإسقاط الحكومة , ويستغل بذلك الضجيج السياسي الداخلي المعقد الذي ينتظر التطورات الاقليمية , فيما الرئيس سعد الحريري يستكمل زياراته الدولية بسفره اليوم الى روسيا .
السفير :
لا يمكن للجولة في جرود القلمون، وبالتحديد ضمن الـ45 كيلومتراً مربعاً التي سيطر عليها الجيش السوري و «حزب الله» في جرود عسال الورد السورية الأسبوع الماضي، ومعها وجهة انسحاب المسلحين باتجاه شمال شرق الجرود، إلا أن تزيد القلق على عرسال وأهلها ومخيمات النازحين فيها ومن حولها.
ومع تقلص المساحة التي كان يسيطر عليها المسلحون في جرود السلسلة الشرقية لجبال لبنان وجرود القلمون السورية، وانسحابهم نحو جرود الجبة ورأس المعرة وفليطا وصولاً إلى جرود عرسال، فقد يؤدي استمرار المواجهات بالوتيرة نفسها إلى تمركزهم في جرود عرسال وحدها، وما يقضمونه من أعالي جرود القاع ورأس بعلبك.
وليس خافياً على أحد أن «جبهة النصرة» و «داعش» يبنيان «استراتيجيتهما اللبنانية» (الحدودية) تبعاً للحسابات والتوازنات اللبنانية الدقيقة. فالمجموعات المسلحة تتعامل مع جرود عرسال وكأنها ملجأهم الأخير الأكثر أماناً، معتمدين على واقع أن «حزب الله» ليس بوارد اللحاق بهم إلى هناك حالياً، ومراهنين على أن الانقسام السياسي في لبنان قد يحول دون اتخاذ الجيش اللبناني مبادرة من نوع السيطرة على جرود عرسال، ممارساً حقه الطبيعي في الإمساك بزمام الأمور من النهر الكبير إلى الناقورة. الجيش نفسه، يضع اليد على الزناد محكماً الطوق على المسلحين في جرود عرسال، قاطعاً عليهم حرية الحركة التي طالما تمتعوا بها قبلاً، بعدما فرض سيطرته على المنافذ التي تصل عرسال البلدة بجرودها.
ثمة قنبلة قابلة للانفجار من البقاع الشمالي إذا استمر انسحاب المسلحين من الجرود السورية نحو الجرود اللبنانية (عرسال والقاع ورأس بعلبك)، وبالتالي تمركز عديدهم وعتادهم على مساحة 400 كيلومتر مربع (مساحة جرد عرسال) وفي مواجهة الجيش اللبناني وحده، بعدما كانوا منتشرين على ألف كيلومتر مربع ومحاصرين من ثلاث قوى: الجيش السوري و «حزب الله» والجيش اللبناني.
النهار :
على رغم طبول الحرب التي تقرع عبر حدود لبنان الشرقية والتي تنذر بانعكاسات وتداعيات على الداخل اللبناني في اول فرصة سانحة للمجموعات المسلحة في الجانب السوري من الحدود أو عبر خلايا نائمة تؤيدها في لبنان، يبدو ضجيج المعارك السياسية الداخلية أكثر صخباً، بما يهدد حكومة المصلحة الوطنية التي ينذر اي خلاف حولها بتعميم حال الشلل بعد التعطيل الذي اصاب مجلس النواب. وبدا أمس ان "التيار الوطني الحر" حسم أمره في اتخاذ خطوات تصعيدية ما لم يشهد أي من الملفات التي تهمه نتائج في مصلحته. فقد عبر الوزير جبران باسيل بصراحة كلية عن انه "لن تكون هناك حكومة لا تقوم بتعيينات امنية، لنكن واضحين، ولا تعيينات امنية ليس لنا الكلمة فيها، هذه القضايا اما ان تحسم الآن وبوضوح، أو دعونا ندخل المشكل منذ الآن(...) لن يكون هناك تشريع في البلد، اذا نحن كنا على قارعة الطريق، ولن يكون هناك بالمبدأ مجلس نيابي بقانون انتخابي لا يعطينا تمثيلنا الحقيقي(...) ولن يكون هناك جيش من دون قيادة شرعية".
وأضاف: "موقع قائد الجيش ماروني، والموارنة لهم الكلمة الاولى فيه، ونحن 19 نائبا مارونيا، وبكل بساطة من يقول ممنوع فريق أو شخص يجمع بين قيادة الجيش ورئاسة الجمهورية، نقول له ممنوع على شخص ان يجمع بين رئاسة الحكومة وقيادة قوى الامن الداخلي، وممنوع على شخص أن يجمع بين رئاسة المجلس النيابي وقيادة الامن العام، نقولها بكل بساطة، ما هو ممنوع علينا ممنوع على غيرنا، وما هو مسموح لنا مسموح لغيرنا، نحن بقينا في هذا البلد لاننا اصحاب كرامة وعنفوان، ممنوع ان يمس أحد بدورنا".
وفي الاطار عينه، أبلغ الوزير السابق سليم جريصاتي "المركزية" ان "لدينا خطوات مدروسة وممنهجة ستكون على مستوى الداء، وسيعلن عنها النائب العماد ميشال عون في وقتها، رفضا لواقع اعتياد مخالفة الدستور والقانون". وقال "الاعلان عن ان التمديد اصبح محسوماً لا يفاجئنا ونحن لهم في المرصاد، ووجدنا الخطوات العلاجية التي ستعلن في حينها".
المستقبل :
في عزّ زمن القحط الانتخابي والوهن الديمقراطي المهيمن على المشهد الوطني تحت وطأة رياح التعطيل الصفراء التي ضربت الاستحقاقات الدستورية وقوّضتها منذ أن عصفت قبل عام بالاستحقاق الرئاسي وأوقعته في قبضة أصحاب النصاب المفقود والتوافق المرفوض، تمكّنت دار الفتوى أمس من ضخّ جرعة أمل في عروق اللعبة الديمقراطية في البلاد منتصرةً لمفهوم الاحتكام إلى صندوق الانتخاب ومكرسةً نفسها داراً للاعتدال والوسطية مشرّع الأبواب أمام «كل المسلمين وكل اللبنانيين» وفق ما أكد مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان على هامش انتخابات المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى ومجالس الأوقاف في بيروت والمحافظات، معلناً انطلاق «مسيرة الإصلاح والتطوير والمأسسة» على مستوى دار الافتاء والأوقاف مع تشديده وتعويله في تحقيق ذلك على «الانسجام التام» الحاصل مع رئاسة مجلس الوزراء. وهو ما أكد عليه رئيس الحكومة تمام سلام، مشيداً بالجوّ الديمقراطي الذي أحاط بعملية الانتخاب ومعرباً عن أمله في «أن يكون للممارسة الديمقراطية المؤسسية مكانٌ في كل استحقاقاتنا».
وبعد مشاركته واقتراعه في العملية الانتخابية (ص 4 - 5)، لفت سلام إلى أنّ هذه العملية هي بمثابة «فجر جديد» في دار الفتوى، وأردف: «ثقتنا كبيرة جداً بسماحة المفتي وإنجازاته التي تؤكد أنّ الاعتدال هو السبيل الوحيد لنا جميعاً لتعزيز ديننا وممارساتنا لهذا الدين على أفضل وجه». بينما وصف دريان اليوم الانتخابي أمس بأنه يشكل «محطة تاريخية هامة في دار الفتوى» سيّما وأنّ الانتخابات التي جرت تأتي بعد تسع سنوات ونصف السنة من الانتخابات السابقة لأعضاء المجلسين الشرعي والإداري، متوجّهاً إلى رئيس الحكومة بالقول: «سدّد الله خطاك في ما تقوم به من أجل استقرار لبنان ووحدته وإنجاز كل الاستحقاقات وعلى رأسها استحقاق انتخاب رئيس الجمهورية الذي هو رمز الوطن ورمز إعادة الحياة إلى مؤسسات الدولة».
الجمهورية :
تتّجه الأنظار إلى موسكو التي يزورها الحريري في الساعات المقبلة قادماً من المملكة العربية السعودية، وسيوافيه الى هناك نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري والنائبان السابقان غطاس خوري وباسم السبع ومدير مكتبه نادر الحريري الذي عاد أمس من باريس.
وعلمَت «الجمهورية» أنّ الحريري الذي تبدأ محادثاته الرسمية بعد غد الاربعاء وتستمر حتى الخميس، سيلتقي عدداً من المسؤولين الروس، وفي مقدّمهم بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف ومجلس الدوما الروسي.
وقالت مصادر مطّلعة لـ«الجمهورية» إنّ لقاءات الحريري ستتحدث عن نفسها، خصوصاً لقاؤه مع بوتين الذي سيتناول مجمَل التطورات في المنطقة، من سوريا إلى اليمن، وملفّات لبنان الداخلية وسُبل حمايته ودعم القدرات العسكرية والأمنية للجيش والقوى الأمنية، كذلك سيتناول هذا اللقاء حصيلة زياراته الأخيرة لواشنطن وأنقرة والدوحة ولقاءاته في الرياض مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند وقادة مجلس التعاون الخليجي.
الاجتماع الأمني
وفي هذه الأجواء، تترقّب الأوساط السياسية النتائج المترتّبة على مواجهات القلمون داخل الأراضي السورية وردّات الفعل عليها، على وقعِ ارتياح القادة الأمنيين إلى بقاء هذه المواجهات خارج الأراضي اللبنانية.
وأبلغَت مراجع حكومية إلى مَن يعنيهم الأمر من ديبلوماسيين عرب وغربيين أنّ ما يجري هناك لا يعني الحكومة اللبنانية، وذلك ردّاً على أسئلة وُجّهت في الأيام الماضية حول الموقف الرسمي ممّا يجري في القلمون.
وفي هذا الإطار، قالت مصادر سياسية وديبلوماسية لبنانية لـ«الجمهورية» إنّ لبنان ردَّ عمَلياً على أسئلة عربية وغربية باجتماعات أمنية ارتقَت من مستوى مجلس الأمن المركزي الذي انعقدَ الجمعة الماضي، الى الاجتماع العسكري والأمني الاستثنائي الموسّع الذي ترَأسَه رئيس الحكومة تمّام سلام بحضور وزراء: الدفاع سمير مقبل والداخلية نهاد المشنوق والعدل إشرف ريفي، والنائب العام التمييزي القاضي سمير حمود، وقائد الجيش العماد جان قهوجي والمدير العام لأمن الدولة اللواء جورج قرعة والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص، ومدير المخابرات العميد إدمون فاضل، ورئيس فرع المعلومات العميد عماد عثمان.
البلد :
يمهّد "التيار الوطني الحر" لهز أركان الحكومة على خلفية رفضه التمديد للقادة الامنيين، لكن "خطوته هذه بحسب قيادييه لن تؤدي الى اسقاط الحكومة، ويرد خصوم عون على خطابه بالتأكيد أن الحكومة لن تفقد ميثاقيتها وأن التمديد للقيادات الأمنية "ماشي"، مذكرين بأن الحكومة هي في وضعية أقرب الى تصريف الاعمال.
ولفتت أوساط رئيس مجلس النواب نبيه بري لقناة الـ"MTV" الى "اننا مع التعيين في ملف القادة الأمنيين لكن في حال تعذر ذلك فنحن مع التمديد نظراً للظروف الاستثنائية التي يمر بها البلد".
ولفت عضو تكتل "التغيير والاصلاح" النائب آلان عون في حديث تلفزيوني الى "اننا نفتح المجال من اجل اتصالات تصل الى حلول في موضوع التعيينات الامنية"، مشيراً الى ان "حزب الله اكد وقوفه الى جانب العماد ميشال عون بأي خطوة سيتخذها". واوضح ان "اي خطوة سيتم اتخاذها ستكون بتشاور مسبق مع الحلفاء مع الامل في الوقوف الى جانبنا".
أما في الانتخابات فقد شهدت دار الافتاء امس درسا في الديمقراطية من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب، إذ فتحت الصناديق، لانتخاب مجلس شرعي جديد، ومجالس ادارية ووقفية. مشهد الصندوق الانتخابي بدا مضيئا في عتمة الفراغ الرئاسي.
الاخبار : لا شيء يعلو، داخلياً، فوق قضية التعيينات أو التمديد للقادة الأمنيين، في وقت عاد فيه التمديد لمجموعة من الضباط في الجيش الى الواجهة بعدما بدأ سريان تقاعد عدد من العمداء تدريجاً منذ بداية السنة.
وتقول المعلومات إن ما كان يطرح عن احتمال اللجوء الى التمديد لمجموعة من الضباط في الجيش (كي يمدد للعميد شامل روكز) بات مشكوكاً فيه، إذ تتساءل المراجع المعنية عن المعايير التي يجب اعتمادها لاختيار الضباط الممدّد لهم، خصوصاً أن عدداً من العمداء تقاعد منذ كانون الثاني الفائت، وأن عدداً آخر على وشك التقاعد، ومنهم قادة الألوية الاول والسابع والتاسع ومسؤولون أمنيون وفي المخابرات (مدير مخابرات الجنوب العميد علي شحرور والمساعد الاول لمدير المخابرات عبد الكريم يونس والمدير العام للادارة بالوكالة)، وسيعيّن بدلاء منهم، وكذلك مدير المخابرات العميد إدمون فاضل الذي لم يعد يحق له قانوناً التمديد في أيلول المقبل. وتلفت المصادر الى أن الاستغناء عن هؤلاء قد يحدث إشكالية في الجيش (بعضهم أساسيون في مراكزهم، سواء المخابراتية أو قيادة الألوية)، في حين يمدّد لآخرين من قادة الافواج، لاعتبارات سياسية، من بينها تحقيق توازنات طائفية، بعدما تردد أن أي صفقة تمديد ستشمل ستة مسيحيين وستة مسلمين. هذه الاشكالية تعني حتى الآن انتفاء اللجوء الى هذا الخيار، علماً بأن معارضي التمديد لمجموعة من الضباط يستشهدون بعدم التمديد لضباط ــ وليس قادة ــ في قوى الامن الداخلي، وعلى رأسهم قائد الدرك العميد الياس سعادة الذي يحال على التقاعد في 22 الجاري.