كي لا يأتي جابي الكهرباء في كل مرة من دون أن يتمكن من تحصيل الفاتورة المستحقة بسبب عدم وجود أحد في المنزل على إعتبار أنه يأتي خلال دوام العمل، قرر مواطن لبناني يقطن في إحدى قرى المتن الشمالي، توطين فاتورته في أحد البنوك التي يتعامل معها، وسرعان ما أجرى المعاملات اللازمة والمطلوبة لهذه الغاية. غير أن الحظ لعب ضده، فعلى رغم تبلغه بعد فترة قصيرة من الزمن من قبل البنك المعتمد بأن توطينه أصبح ساري المفعول، لم تقتطع الفاتورة في الموعد المحدد لصدورها من حسابه. فما كان أمامه إلا المراجعة لمعرفة ما يحصل وما هو الخلل الذي منع وصول الفاتورة الى البنك.

في المصرف الكائن في منطقة جل الديب كان الجواب "المشكلة مش من عنّا، الفواتير ما عم تجي من مؤسسة كهرباء لبنان".

وفي المؤسسة المذكورة، جاء الجواب على إتصاله على الشكل التالي: "معك العمال المياومين، الشركة مسكّرة وما في فواتير ولا شغل بعد اليوم قبل ما يثبتونا، نحنا محتلين الشركة وممنوع ولا موظّف أو مدير يفوت لهون".

أشهر وأشهر مرّت على إعتصام المياومين، واللبنانيون ينتظرون صدور فواتيرهم الموطّنة وغير الموطّنة الى أن جاء اليوم الذي أبرمت مع المحتلين التسوية التي حرّرت مبنى المؤسسة في مار مخايل، لتعود الأمور الى نصابها. بعدها، لم يمرّ وقت طويل حتى عاد جباة الكهرباء للقيام بواجبهم، وعاد الى عمله أيضاً، القسم المخصص لتحويل الفواتير الموطّنة الى المصارف. وفي منتصف الشهر الأخير من العام 2014، إقتطعت أول فاتورة من حساب المواطن المذكور عن شهري آذار ونيسان من العام 2014، كما تبيّن له بعد تسلمه الإيصال من البنك أنه صادر بتاريخ  21 تموز من العام ذاته، أي قبل خمسة أشهر من تحويله الى البنك.

بادرة الخير هذه سرعان ما تبدّدت ملامحها. فمنذ ذلك التاريخ، لم تعد الفواتير الموطنة الخاصة بهذا المواطن تصل الى حسابه. في البداية لم يعر الأمر أهمية معتبراً أنه تأخير عادي، ولكن بعدما طال إنتظاره، راجع الموظف المسؤول في البنك فكان الجواب "ما عم يبعتولنا فواتير جديدة من الشركة من فترة".

أما المفاجأة فتلقاها في الأسبوع الماضي، عندما كان يقوم بزيارة لجاره الذي يعيش في البناية ذاتها. يومها، إكتشف المواطن أن جابي الكهرباء زارهم من كانون الأول (تاريخ إقتطاع فاتورته من حسابه المصرفي) وحتى اليوم ثلاث مرات، وفي كل مرة كان يحمل معه لهم فاتورة عن شهرين متتاليين من العام 2014، وأنّ الفاتورة الأخيرة التي دفعها الجار للجابي هي عن شهري أيلول وتشرين الأول الفائتين. وبما أن فواتيره متوقفة عن التحويل منذ خمسة أشهر إتصل المواطن بجابي الكهرباء للإستفسار، فكانت الفضيحة على لسان الجابي "عليك أن تراجع بسرعة قسم تحويل الفواتير الموطّنة في الشركة، لست الوحيد الذي يعاني من هذا التأخير، وقد وردتني شكاوى عدة من مواطنين، إقتطعت المؤسسة من حساباتهم المصرفية الفواتير المتأخرة عن الأشهر الماضية، دفعةً واحدة، الأمر غير المحق، والذي لا يمكن للجميع لا سيما ذوي الدخل المحدود تحمله".

وللتأكد من هذه الفضيحة، ما كان بالمواطن إلا ان سارع وإتصل بالقسم المذكور، ليقر له المجيب بوجود مشكلة في القسم تعيق تحويل الفواتير الموطّنة الى المصارف.

لكل ما تقدم، على اللبنانيين أن يحذروا هذه المشكلة، وأن يراقبوا حساباتهم المصرفية بدقة، منعاً لتحصيل الفواتير المتأخرة، ليس بسببهم، دفعة واحدة.