من إيران الدولة إلى إيران الثورة في عهد رفسنجاني  لم يكن للحرس الثوري الإيراني  دورا كبيرا وبارزا في الداخل الإيراني على الرغم من أن تدخلهم في الحياة السياسية الإيرانية يعود إلى فترة إيران الدولة حيث تم اتهامهم بمحاولة فاشلة للإطاحة بمحمد خاتمي خلال رئاسته لإيران لكن دورهم زاد واستطاعوا الولوج إلى العمود الفقري للدولة الإيرانية والسيطرة على الحكم في عهد أحمدي نجاد عام ( 2005-2013)، حيث أنه من المعروف أنه تابع للنظام المتشدد، فأصبح الحكم في هذه الفترة خاضعا لسيطرة ثلاثية جمعت بين (الرئيس نجاد، وكبار ضباط الحرس الثوري، وكبار الملالي المتشددين( وهذا كله بمباركة المرشد الخامنئي.  

وفي هذه الفترة أعاد أحمدي نجاد فترة التدخل في شؤون الدول الخارجية  والتي حاول رفسنجاني أن ينأى بإيران عن مخاطرها، فقدم الدعم لكل من حزب الله والنظام السوري ولواء أبا الفضل العباس العراقي ماديا ومعنويا وحتى عسكريا.   وبعد سنة 2013 تسلم حكم إيران الرئيس حسن روحاني المنتمي للتيار المعتدل ما اثار إضطرابات في إيران بين الحرس الثوري الذي تعود على أن تكون السلطة بأمرته وبين رأس الدولة المعتدل الذي يحاول أن يعيد الأمور إلى طبيعتها ويحافظ على العلاقات بالدول الخارجية خوفا على المصالح الإيرانية.  

وهنا، نطرح تساؤلا عن السبب الذي دفع بوكالة "إرنا الإيرانية الرسمية" بأن تنشر وبالتفصيل تقريرا (https://www.irna.ir/ar/News/81588144/) فاجأ الجميع عن معركة القلمون التي يخوضها حزب الله مدعوما بقيادات الحرس الثوري الإيراني والجيش السوري خصوصا انه قبل فترة تم تسريب معلومات إيرانية تتحدث عن وجود عملاء لإسرائيل داخل حزب الله.  

فعوضا عن جر إيران إلى المجهول، لجأ روحاني إلى اتخاذ  مواقف سلمية واعتماد سياسات عقلانية من أجل الإرتقاء بالدولة، فبعد الفشل الذريع الذي حققه نجاد في المباحثات مع مجموعة (5+1) استطاع روحاني التوصل إلى اتفاق معهم وأصبحنا نسمع عن لقاءات إيرانية-تركيا وإيرانية أميركية وفق "وكالة الأنباء الإيرانية " وهذا تكتيك سياسي ناجح خصوصا أن إيران تسعى وتبذل مجهودا من أجل توقيع الإتفاق النهائي في 30 آذار المقبل من أجل رفع العقوبات عنها.  

وعلى ما يبدو أن هناك إحتمال يتجلى في تخلي إيران عن الأسد وقد ظهر ذلك في خطاب السيد نصرالله حين رد على ما اعتبره "شائعات" بأن إيران تخلت عن بشار قائلا :نحن لن نتخلى عن الأسد"، ولم يأت على ذكر بأن إيران التي تركته.  

فهذا التقرير الذي ذكرته "إرنا" قد يكون من أجل لجم حزب الله وترويضه كي لا ينجر إلى معركة القلمون التي لديها تداعيات خطيرة  على الدولة الإيرانية خصوصا أنها تمر في فترة دقيقة جدا حيث أنها مراقبة من الدول الكبرى لمدة ثلاثة أشهر وإلا ستخسر توقيع الإتفاق النووي النهائي وستعاني من العقوبات هذا كله يعود  لاعتبار أن من يدعم الحزب هو الحزب الثوري الإيراني، ولتحاول بذلك أيضا  أن تحسن من نظرة العالم إليها وتعيد إصلاح علاقاتها مع الخارج، وكي لا تخرج من المعادلة الأميركية التركية السعودية.