السيد الخامنئي في كتابه "الحكومة في الإسلام" تحت عنوان :"وجوب إطاعة الحكومة الإسلامية" يقول: "ومن المؤكد أنه لا يمكن القول هنا إن وجوب طاعة أمير المؤمنين تنبع من عصمة الإمام ، لأنه لو كان الأمر كذلك فإنَّ عصمة
الإمامة لم تكن منحصرة في زمن (أمير المؤمنين) (وإنما جاء من بعده أحد عشر إماماً معصوماً آخرون).(فعلي بن أبي طالب) كان يتحدَّث باعتبار كونه حاكماً إسلامياً وليس بناءً على كونه إماماً معصوماً تجب على كل المسلمين إطاعته
سواء شاؤا أم أبوا،وسواء كان على رأس الحكومة أم لم يكن،وإنما كان يتحدَّث بصفته حاكماً إسلامياً....هذه إحدى خصائص الحاكم الإسلامي بشكلٍ عامٍ،فهو حينما يطلب إلى الناس بأمرٍ فعلى الناس أن يلبُّوا طلبه" .إنتهى كلامه..كان
\الفكر الحاكم في المجتمع الشيعي من النصف الثاني من القرن الثالث للهجري إلى منتصف القرن الخامس للهجري هو القراءة البشرية لمسألة الإمامة ،وأنّ الإعتقاد بصفات فوق بشرية للأئمة من قبيل العلم اللدنِّي والعصمة والنصب
الإلهي (لا النصب من قِبَل الإمام السابق أو النبي) لا تعتبر من الصفات والمقولات اللازمة للإعتقاد بالإمامة، بل إنَّ من يقول بهذه المقولات يقع في مورد إنكار علماء الشيعة ويُتهم بالغلو، هذه مدرسة علماء ومشايخ قم ومنهم الشيخ
أحمد الحسين البغدادي المشهور بابن الغضائري (المتوفي 450ه) كان من جملة المنتقدين والمخالفين لتيار القراءة فوق بشرية لصفات الأئمة..والشيخ محمد بن أحمد الكاتب المشهو بابن الجنيد الإسكافي المتوفي قبل عام 377ه
وغيرهما من العلماء وهذه هي مدرسة القميين، وفي المقابل القراءة الثانية هي قراءة فوق بشرية وهي مدرسة الكوفيين التي طغت على مدرسة القمييين وأصبحت هي السائدة واتهمتها بالآراء الشاذة وقالت بأنَّ مشايخ قم يفتقدون
للدراية اللازمة..لن أطيل الكلام كثيراً، ومن أراد فليرجع إلى كتاب "القراءة المنسية" د.محسن كديور....بالعودة إلى كلام السيد الخامنيئ وهذا ما أفهمه أنه من أتباع وأنصار مدرسة قم، لأنه شرط وجوب الطاعة من حيث الحاكمية،
وليست العصمة شرط في وجوب الطاعة، وثانياً: التساوي بين المعصوم والحاكم مطلقاً معصوماً أم غير معصومٍ في منزلة واحدة من حيث وجوب الإطاعة...وثالثاً: إنتزاع مشروعية وجوب إطاعة حكم الحاكم غير المعصوم ،
ومساواة الطاعة بالمعصوم ، فحينئذٍ ما هو الفرق بين المعصوم وغيره ، فتكون العصمة بلا ثمرة وفائدة ، أو بالأحرى"شيكٌ بلا رصيد"، ثم ماذا نفعل بسيرة العلماء والفقهاء من زمن الشيخ المفيد والطوسي إلى زماننا هذا بأقوالهم
وآرائهم أمام لزوم الطاعة المطلقة لغير المعصوم.. من هنا يمكن لنا أن نوجه كلام السيد الخامنيئ إلى حكومته الإسلامية في إيران بالنسبة للنظام الحالي التي تتولى مجموعة منحصرة لإدارة شؤون الشعب الإيراني وعلى رأسها "ولي الفقيه" ويكون بالتالي هو المرشد والموجِّه ، والآمر الناهي والنهائي.