قلّما تلتقي في هذه الأيام شخصين في منطقة بعلبك الهرمل دون أن يكون الحديث عن المعركة المفترضة في القلمون ثالثهما.
فمنذ الخطاب الذي ألقاه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في 16 شهر شباط الماضي وأكد فيه أن معركة السلسلة الشرقية آتية لا محالة بعد ذوبان الثلج لإزالة خطر الجماعات الإرهابية.
ومن يومها ولغاية اليوم فإن وسائل الإعلام اللبنانية المرئية منها والمسموعة والمكتوبة غالبا ما تنشر العديد من المقالات والتقارير الإخبارية والتحقيقات عن هذه المعركة التي لم تحصل رغم إنقضاء ما يقارب شهراً ونصف على بداية فصل الربيع .
وما توقف عنده الكثير من المراقبين دعوة السيد نصرالله إلى التنسيق بين الجيش اللبناني والجيش السوري من خلال الحكومتين في معركة القلمون ما يوحي بأن الربيع سيكون ساخناً في المواجهات العسكرية في منطقة البقاع الشمالي وفق مصادر مطلعة في الميدان العسكري .
وكذلك طلبه من اللبنانيين الذين يدينون تدخل حزب الله في سوريا أن يشاركوا الحزب التدخل هناك ، إلا أن هذا الأمر يواجه إعتراضات من فريق الرابع عشر من آذار وخصوصاً من تيار المستقبل.
وفي القراءة السياسية للتطورات العسكرية في الميدان السوري فإن معركة القلمون تبدو حاجة ملحة لأطراف القتال انطلاقاً من سعي كل طرف لتحقيق تقدم على الأرض لاستثماره في أي عملية سياسية .
وعليه فإن الاستعدادات قائمة على قدم وساق . وإذا كان حزب الله أعد لهذه المعركة العدة وأنهى عملية التحضير لها موعوداً بالنصر الإلهي فإن عناصر جديدة لم تكن بالحسبان كانت سبباً في تأخير البدء بها .
فالغارات الإسرائيلية دمرت بعض الأسلحة التي يمكن الإفادة منها في المعركة إضافة إلى أن معركة جسر الشغور تشير إلى أن هناك قرار خليجي تركي حاسم يقضي بمنع النظام السوري وحليفيه إيران وحزب الله من تحقيق إنتصارات إضافية .
المعارضة السورية تهدف من خلال معركة القلمون للإطباق على العاصمة من خلال قطع طريق دمشق حمص وتأمين التواصل مع المسلحين في الزبداني والسيطرة على الطريق الدولية التي تربط سوريا بلبنان لقطع طريق إمداد حزب الله بالسلاح ، سواء من مطار دمشق إلى لبنان أو في الاتجاه المعاكس لدعم النظام السوري .
في المقابل فإن النظام السوري يحتاج إلى تعطيل خطة المعارضة وتحقيق انتصار بعد سقوط جسر الشغور عبر المحافظة على العاصمة دمشق ومحيطها وإبقاء طريق تواصلها مع الساحل السوري سالكاً .
حزب الله من جهته يرى أن سيطرة المسلحين على منطقة القلمون ستجعلهم على تماس مباشر مع بعض القرى الحدودية مما يتيح لهم الإغارة على تلك القرى وعلى مواقع للحزب قد تكون موجودة على تخوم بعض هذه القرى .
لذا فإنه بحاجة لمعركة القلمون لدرء أخطار هذه المجموعات .
لا شك أن التطورات الميدانية لا تتطابق دائماً مع الحسابات النظرية ، والأطراف التي تتحضر لمعركة القلمون تدرك أن هذه المعركة مكلفة جداً في الأرواح وفي العتاد .
وأن الحسم لمصلحة أي طرف غاية في الصعوبة إن لم يكن مستحيلاً وقد تتحول إلى حرب إستنزاف طويلة لكافة الأطراف المشاركة .
فمعركة القلمون ليست رحلة إلى الجرود وهي بحاجة للمزيد من الاستعداد والتحضير ، لذا تبدو مؤجلة في المدى المنظور بإنتظار توافر ظروف أكثر ملائمة من ذوبان الثلج .