ان شهر ايار هو الشهر الذي خصصته الكنيسة المقدسة لاكرام امنا العذراء مريم . شهر ايار هو شهر الورود والجمال والحياة والتجدد، فكما ان الورد في شهر ايار يملا الدنيا عطرا وجمالا ،كذلك امنا العذراء يفوح منها عطر قداستها وشفاعتها سماء الكنيسة المقدسة والعالم اجمع.
في هذا الشهر يظهر المؤمنين عاطفتهم البنوية للبتول مريم ،وهي بدورها تظهر عاطفة الامومة لكل من اتخذها شفيعة واحتمى بكنفها فهي ملجأ الجميع.
في شهر ايار وفي كل مساء تدعو الكنيسة المؤمنين للقاء العذراء، ام المؤمنين لكي يرتلوا لها اناشيد الفرح وصلاة الوردية وطلبة العذراء والقراءات المخصصة لشهر العذراء مريم.
ان اكرام العذراء مريم في شهر ايار هو تقليد غربي ومن ثم انتقل الى الشرق ،فبعض المؤرخين ينسبون نشأته الى الطوباوي هنري (+1365) ،غير ان ممارسة شهر ايار كما يعرفها العالم اليوم نشأت في ايطالية في عام 1784 علي يد الكاهن لويس ريشولي . ومن ثم انتشرت ممارسة الشهر المريمي في كل دول اوربا وامريكا والعالم اجمع.
ان الكنائس الشرقية منذ القدم تكرم العذراء مريم في الطقوس الكنسية والصلوات الليتورجيا ، والاباء الشرقيون يشيدون بقداسة العذراء مريم ،حيث يقول القديس مار افرام السرياني(+373) ان العذراء مريم هي التابوت المقدّس، والمرأة التي سحقت رأس إبليس، والطاهرة وحدها نفسًا وجسدًا، والكاملة القداسة، وإذ يقابل بينها وبين حوّاء يقول: "كلتاهما بريئتان، وكلتاهما قد صنعتا متشابهتين من كل وجه، ولكنّ إحداهما صارت من بعد سبب موتنا والأخرى سبب حياتنا". ويقول في موضع آخر: "في الحقيقة، أنت، يا ربّ، وأمّك جميلان وحدكما من كل وجه وعلى كل صعيد، إذ ليس فيك، يا ربّ، ولا وصمة وليس في أمّك دنس ما البتة".
والقدّيس يوحنا الدمشقي (+ 749) يعلن أنّ مريم قدّيسة طاهرة البشارة "إذ إنّها حرصت على نقاوة النفس والجسد كما يليق بمن كانت معدّة لتتقبّل الله في أحشائها." واعتصامها بالقداسة مكنّها أن تصير هيكلاً مقدّسًا رائعًا جديرًا بالله العليّ". ومريم طاهرة منذ الحبل بها: "يا لغبطة يواكيم الذي ألقى زرعًا طاهرًا! ويا لعظمة حنّة التي نمت في أحشائها شيئًا فشيئًا ابنة كاملة القداسة". ويؤكّد أنّ "سهام العدوّ الناريّة لم تقو على النفاذ إليها"، "ولا الشهوة وجدت إليها سبيلاً".
إنّ المجمع الفاتيكاني الثاني ، يحثّ المؤمنين على تكريم مريم العذراء تكريمًا خاصًّا، موضحًا طبيعة هذا التكريم وأساسه، والاختلاف الجوهري أن هذا التكريم وعبادة الله، فيقول:
"إنّ مريم قد رُفعت بنعمة الله، وإنّما دون ابنها، فوق جميع الملائكة وجميع البشر بكونها والدة الإله الكلّية القداسة الحاضرة في أسرار المسيح. لذلك تكرّمها الكنيسة بحقّ بشعائر خاصّة. والواقع أنّ العذراء الطوباويّة، منذ أبعد الأزمنة، قد أكرمت بلقب "والدة الإله". والمؤمنون يلجأون الى حمايتها مبتهلين إليها في كلّ مخاطرهم وحاجاتهم. وقد ازداد تكريم شعب الله لمريم ازديادًا عجيبًا، خصوصًا منذ مجمع أفسس، بأنواع الإجلال والمحبّة والتوسّل اليها والاقتداء بها، محقّقًا بذلك كلماتها النبويّة: "جميع الأجيال تطوّبني، لأنّ القدير صنع فيّ عظائم" (لو 1: 48). وهذا الإكرام، على النحو الذي وُجد عليه دائمًا في الكنيسة، يتّصف بطابع فريد على الإطلاق. غير أنّه يختلف اختلافًا جوهريًّا عن العبادة التي يُعبَد بها الكلمة المتجسّد مع الآب والروح القدس، وهو خليق جدًّا بأن يُعزَّز: إذ إنّ مختلف صيغ التقوى نحو والدة الإله التي تظلّ في حدود التعليم الأرثوذكسي السليم، وتوافق عليها الكنيسة مراعية ظروف الزمان والمكان وأمزجة الشعوب المؤمنة وعبقريّاتهم، تجعل أنّ الابن الذي لأجله وُجد كلّ شيء (كو 1: 15- 16)، والذي ارتضى الآب الأزلي أن يحلّ فيه الملء كلّه (كو 1: 19) يُعرَف ويُحَبّ ويُمجَّد ويطاع في وصاياه من خلال الإكرام لأمّه (وثيقة رقم 66).