لقد دخلت الخطة الامنية حيّز الفعلية في الضاحية الجنوبية وتوّجت بإرتياح في الاوساط السياسية إذ ثمة حلحلة في الافق حسب مصادر نيابية مطلعة , أما الكيل فقد طفح عند الرئيس عون فصعّد الى أعلى المستويات رافضا خطة الرئيس بري في التمديد والتعيين .
النهار :
على رغم الأجواء الضبابية التي سادت في الأيام الاخيرة على خلفية الجلسة التشريعية، فإن اشتداد الأزمة يمكن ان ينطبق عليه المثل "اشتدّي ازمة تنفرجي" بما يوحي بأن ثمة حلحلة في الأفق، كما قالت مصادر نيابية لـ"النهار"، ومؤكدة ان الجميع يفتشون عن مخرج مشرّف للأزمة التشريعية، ولمجمل الملفات العالقة وخصوصاً في ظل الخطر المتأتي من الوضع السوري وتطوراته.
في الجانب الآخر من الأزمة السياسية، أعلن العماد ميشال عون "أن الكيل طفح، والتمديد للقيادات الأمنية ممنوع وإلا فإن كل الاحتمالات ممكنة، وإن الأيام التي كانوا يأتون فيها بـ"خيال" يعينونه رئيساً للجمهورية قد ولّت". وأضاف: "وكما يمكن أن يتركني الناس، أستطيع أنا أيضاً أن أتركهم، ومن يسير معي يمكنني أن أسير معه، لأنّ الأمر لم يعد يحمل أكثر من ذلك، بلغ السيل الزبى وقد طفح الكيل".
هذا الكلام لعون، والذي قوبل بحذر وترقب، سيفرض واقعاً جديداً لا يمكن تجاوزه، ويبدل في أولويات البحث وجداول الأعمال المطروحة، وخصوصاً في ملف التعيينات. واذا كان منسوب التوتر بدا مرتفعاً في العلاقة بين أفرقاء الصف الواحد، وقد اتخذ بعداً مذهبياً في الأيام الأخيرة مع الدفاع الشيعي عن عمل مجلس النواب في ظل مقاطعة مسيحية موحدة للتشريع، فقد رجحت مصادر لـ"النهار" انعقاد لقاء قريب يجمع العماد عون والامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله للاتفاق على بعض الملفات العالقة، ويكون تسهيل انعقاد الجلسة التشريعية احدى ثماره. وتوقّعت أن يكون موعده في اليومين المقبلين
السفير :
برغم الشغور في موقع الرئاسة، وبرغم أن الأمن يكاد يكون معدوما في الاقليم المتفجّر، من سوريا الى اليمن مروراً بالعراق وليبيا.. فإن الخطة الأمنية افتتحت فرعاً لها أمس في الضاحية الجنوبية، بتعاون من «حزب الله» و«حركة أمل».
أما الأمن السياسي فبقي مهزوزاً، مع استمرار ترنّح الجلسة التشريعية المفترضة التي باتت في مهبّ «عواصف الحزم» اللبنانية، فيما اشتعلت جبهة الرابية ـ بلس، بعدما ردّ أمس العماد ميشال عون بقسوة على استبعاد الرئيس فؤاد السينورة له من السباق الرئاسي، متهما إياه بنهب المال العام، من دون ان يفوته توجيه رسائل الى الحلفاء والخصوم بأن التمديد للقادة الامنين غير قابل للبحث.
وقال السنيورة ليلا لـ«السفير» إنه فخور بكل ما فعله في مواقع المسؤولية التي شغلها، «ولو عاد بي الزمن الى الوراء لكررته».
خطة الضاحية
وعلى وقع التوتر السياسي، انطلقت في الضاحية الجنوبية، أمس، الخطة الامنية المنتظرة بزخم، وانتشرت قوى الجيش والامن الداخلي في العديد من الشوارع الرئيسية والفرعية، بحثا عن المطلوبين في جرائم مختلفة، وذلك في إطار تعزيز فعالية القوى المنتشرة سابقا.
وعلمت «السفير» ان الانتشار الامني أمس ليس سوى أول الغيث، وأن الخطة ستسلك منحى تصاعديا، وبشكل متدرج، خلال الايام المقبلة، بحيث يُفترض ان يكون قد اكتمل تنفيذها بعد أسبوع، وهي تشمل ملاحقة المطلوبين، وتفكيك شبكات التزوير وترويج المخدرات، وازالة المخالفات على الطرقات، وتطبيق قانون السير الجديد.
ومن المقرر ان يجول اليوم وزير الداخلية نهاد المشنوق في أحياء الضاحية لتفقد الاجراءات الامنية المتخذة، حيث يُتوقع ان يكون في استقباله مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في «حزب الله» وفيق صفا، وسط ترحيب من الحزب بالزيارة.
ويبدو واضحا ان المباشرة في تنفيذ الخطة الامنية في هذا التوقيت يفيد كلا من «حزب الله» ووزير الداخلية في هذه المرحلة، ذلك ان تنظيف بيئة المقاومة من مرتكبي الجرائم ومروّجي المخدرات سيؤدي الى إراحة هذه البيئة وإنعاشها، وصولا الى تخفيف الضغوط الجانبية على الحزب الذي تشغله في أمكنة أخرى تحديات استراتيجية.
أما بالنسبة الى المشنوق، فإن تمدد الخطة الى الضاحية، تحت اشرافه، سيعزز موقعه في مواجهة من يطلق عليه «النيران الصديقة» من داخل تيار المستقبل بحجة انه يتشدد ضد ابناء طائفته في طرابلس وغيرها، ويتساهل في المقابل مع المناطق التي تخضع لنفوذ «حزب الله»، وبالتالي فإن دخول المشنوق الى الضاحية اليوم سيكون رسالة الى الأقربين قبل الخصوم بانه يؤدي دوره الامني بتوازن.
المستقبل :
سياسياً، لفتت الانتباه أمس إطلالة تصعيدية على منبر الرابية أطلق خلالها رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون وابلاً من المواقف «النارية» في وجه الحلفاء كما الخصوم، مستخدماً في تصويبه على جميع الأطراف مختلف «الأعيرة» الرئاسية والتشريعية والعسكرية والقضائية وصولاً إلى حد اعتباره الدولة بحكم «الميت الذي لم يبقَ منه سوى هيكل عظمي» وأنّ عودتها إلى قيد الحياة باتت مرهونة حكراً وحكماً بانصياع اللبنانيين لتطلعاته في ملفي رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش. أما أمنياً، وبينما باتت الضاحية الجنوبية لبيروت ليلتها الأولى في كنف «خطة» الدولة لمكافحة الجرائم المنظمة وملاحقة المطلوبين للعدالة المتوارين في الضاحية، برز في سياق أمني آخر تأكيد مصدر رسمي معني بمتابعة ملف العسكريين المخطوفين لـ«المستقبل» أنّ صفقة تحرير الأسرى لدى تنظيم «جبهة النصرة» دخلت مرحلة «تحديد الزمان والمكان لإنجازها»، كاشفاً في هذا السياق أنّ «الموفد القطري زار لبنان مرتين الأسبوع الفائت ووضع اللمسات الأخيرة على الصفقة».
وبينما شدد على كون التصعيد الأخير لـ«جبهة النصرة» غير مرتبط إطلاقاً بعملية إطلاق العسكريين «إنما بمسائل متصلة بالتوتر العسكري الميداني الحاصل في منطقة الجرود»، أكد المصدر الرسمي أنّ صفقة التبادل لتحرير العسكريين موضوعة «على سكة التنفيذ»، معرباً عن قناعته بعدم وجود أي مشكلة تعترض طريقها.
«خطة» الضاحية
إذاً، انطلقت الخطة الأمنية صباح أمس في منطقة الضاحية الجنوبية حيث نفذت القوى العسكرية والأمنية المشتركة انتشاراً راجلاً ومؤللاً في المنطقة وأقامت في شوارعها الرئيسية والفرعية عدداً من الحواجز الثابتة والمتحركة بحثاً عن مطلوبين.
وأوضح بيان قيادة الجيش أنه «في إطار ترسيخ الأمن والاستقرار في العاصمة بيروت وضواحيها، ومكافحة الجرائم المنظمة وملاحقة المشبوهين والمطلوبين إلى العدالة، باشرت وحدات من الجيش بالاشتراك مع وحدات من قوى الأمن الداخلي والأمن العام، بتنفيذ خطة أمنية واسعة تستمر لعدة أيام، على أن تشمل الإجراءات المنفذة إقامة حواجز ثابتة وظرفية مكثفة وتفتيش السيارات والتدقيق في هوية العابرين، وتسيير دوريات مؤللة وراجلة في الطرق الرئيسة والداخلية، بالإضافة إلى عمليات دهم بحثاً عن المطلوبين والمشتبه بهم ولضبط الممنوعات على اختلاف أنواعها»، ودعت المؤسسة العسكرية في البيان «المواطنين إلى التجاوب التام مع هذه الإجراءات، حفاظاً على سلامتهم وتسهيلاً لممارسة أعمالهم اليومية، والإبلاغ الفوري عن أي حالة مشبوهة أو حادث أمني يتعرضون له».
الديار :
شن رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون هجوماً عنيفاً لم يسلم منه أحد وفي كل الاتجاهات، وطال الحلفاء والخصوم قائلاً: «لقد بلغ السيل الزبى» «لقد اتخذت قراري ولن اتراجع» «واذا حلفائي تركوني سأتركهم»، التصعيد العوني جاء بعدما شعر العماد ميشال عون وجود مناورات وصفقات تُعقد بين تيار المستقبل وبين الرئيس نبيه بري وغيره بشأن التمديد للقادة الأمنيين كما شعر بوجود مناورات عليه من البعض مما دفع العماد عون الى الرد العنيف أمس بعدما لم تتجاوب الاطراف السياسية مع تحذيراته التي أطلقها منذ أسابيع بشأن رفضه التمديد لقائد قوى الأمن الداخلي اللواء ابرهيم بصبوص الذي تنتهي ولايته في 20 حزيران ولقائد الجيش العماد جان قهوجي الذي تنتهي ولايته في 20 ايلول، وحسب مصادر متابعة شعر العماد عون بأن هناك خطة تحضر من قبل قوى من 8 و14 آذار للتمديد للقادة العسكريين خلسة وحشره في الزاوية فشن هجوماً عنيفاً اولا باتجاه موقع رئاسة الجمهورية قائلا «ممنوع ان يأتي «خْيَال» الى رئاسة الجمهورية، فما يخصني انا وليس غيري ولا ننكر الصفة التمثيلية للبعض لكن لا نقبل ان ينكروها علينا، واشار الى انهم يريدون تفريغ موقع الرئاسة من القرار وقيادة الجيش من الكفاءات وأكد عون ان التمديد للقيادات الامنية ممنوع وقاصدا بذلك التمديد للعماد جان قهوجي دون ان يسميه مؤكداً ان الاجراءات موجودة ومتاحة دون ان يحددها ويعددها في حال تم التمديد، وقال هناك قيادات يمكن ان تبني مؤسسات وكل ما يحكى عن التعيينات الامنية خارج عن القانون في لبنان لافتا الى ان التمديد يتم التخطيط له لابعاد اشخاص، انا لم اقل انني اريد شامل روكز قائدا للجيش بل قلت انني اريد قائدا وفقا للقوانين، وقال ان القرارات اللازمة في الدولة تقر بشكل غير شرعي، خصوصا في المؤسسة العسكرية في لبنان، واكد ان هذا موقفه ولا الزم احداً فيه لكنني اخذت قراري ولن اتراجع عنه واذا حلفائي تركوني بتركهم».
وفي مجال آخر اكدت المعلومات ان الاتصالات بشأن عقد جلسة تشريعية لم تؤد الى اي حلحلة وان العماد عون لن يتراجع عن موقفه وموقفه مبدئي وان الطابة عند الرئيس نبيه بري وليس عنده وبالتالي فان لا توافق على اقرار مشروع الموازنة، وبالتالي فان كلام العماد عون لا يؤشر الى وجود مخارج في الملفات الخلافية وتحديداً في ما يتعلق بالمواقع الامنية وبالتالي فان الامور متجهة نحو تعطيل شامل للمجلس النيابي وللحكومة وباقي المواقع الاخرى.
الجمهورية :
فاجأ عون الوسطَ السياسي بعد ظهر أمس بمواقف ساخنة من ملفّي الاستحقاق الرئاسي والتعيينات الأمنية والعسكرية، واضعاً فيها النقاط على الحروف، فاعتبَر «أنّ الدولة اللبنانية هي في حالة من الإنهيار، لا بل أصبح هناك «شكل دولة»، كالجسم الذي يموت ولا يبقى منه إلّا «هيكله العظمي».
وشدّدَ على ضرورة انتخاب رئيس قوي لديه صفة تمثيلية ويستطيع أن يكون مرجعيّة للطائفة التي يمثّلها ضمن هذا النظام الطائفيّ الذي نعيشه في لبنان». وسأل: «لماذا يقولون دائماً «العماد عون»، ولماذا يأخذون الأمور بطريقة «شخصيّة»؟!
هل تتّبعون هذه الطريقة لكي تقتلوا الصفات التي يجب أن تكون حاضرة في الرئيس..؟!» وأكّد «أنّ الأيّام التي كان يأتي فيها «خيال» رئيساً للجمهوريّة ممنوعةٌ اليوم، نحن موجودون، ونحن أسَّسنا لبنان، لسنا «عياري» في هذا البلد، ما يخصّنا نريد أن نحصل عليه لا أن يأخذه أحد غيرنا، فمراكزُنا ليست «شحادة».
واعتبَر عون «أنّ ما يحصل اليوم، هو السعي لإفراغ رئاسة الجمهوريّة من القرار، وإفراغ قيادة الجيش من الكفايات، وهذا يَحصل باشتراك الجميع في تكوين هذه اللعبة». ورأى «أنّ كلّ الهدف من عمليّة التمديد، هو لإبعاد بعض الأشخاص والإبقاء على أشخاص آخرين».
ولفتَ إلى أنّ «كلّ ما يُحكى عن موضوع التعيينات غير صحيح». وأوضَح أنّه لم يقُل يوماً إنّه يريد شامل روكز قائداً للجيش، «إنّما طالبتُ بتعيين قائد للجيش وفقاً للدستور والقوانين، بالإضافة إلى إعفاء مَن هم غير شرعيّين من مناصبهم». وقال: «هل تعلمون أنّه مِن الممكن الطّعن بكلّ تواقيع قائد الجيش، لأنّ تعيينه غير شرعي؟
هل تعلمون أنّ المجلس العسكري غير موجود لأنّه ليس هناك من نصاب؟ كيف تُتّخذ القرارات في أكبر مؤسسة لبنانية، أي الجيش الذي يضَع اللبنانيون كلَّ آمالهم عليه؟ هل تُتّخَذ بشكل غير شرعي؟ لماذا؟
هل يجوز أن يكون لدينا 500 عميد في الجيش ولا يمكن أن يكون أحدُهم قائداً للجيش؟ إنْ كان الأمر كذلك، فليحلّوا المؤسسة العسكرية». ونَبَّه إلى أنّ «الموضوع غير قابل للبَحث، والتمديد ممنوع»، وأكّد أنّ كلّ الإجراءات متاحة في مواجهة التمديد لقادة الأجهزة الأمنية من دون أن نعَدّدها».
وعن موقف حلفائه، قال عون: «لقد قلتُ إنّ هذا الأمر هو قراري، لذلك فلا تسألوني عن غيري. فإمّا أن يسير غيري معي أو يسيرَ ضدّي. هذا هو قرار تكتّل التغيير والإصلاح، ولم آخُذه بالتّشاور مع أحد. لقد أتّخَذتُ هذا القرار، نسبةً لموقعي في السياسة اللبنانية. وكما يمكن أن تتركني الناس، أستطيع أنا أيضاً أن أتركها، وكلّ مَن يسير معي يمكنني أن أسيرَ معه، لأنّ الأمر لم يعُد يحمل أكثرَ مِن ذلك، بلغَ السَيل الزبى، وقد طفَح الكيل».