شدّدت المعارضة السورية خناقها أمس على نظام الرئيس بشار الأسد، مستغلة الانهيار الواسع في صفوف جيشه في شمال غربي البلاد ووسطها الشمالي. وفيما اتهمت حكومة دمشق مقاتلي المعارضة بارتكاب مذبحة راح ضحيتها ما لا يقل عن 30 مدنياً في مدينة جسر الشغور بريف محافظة إدلب، قال ناشطون إن الفصائل الإسلامية أسرت عشرات الجنود الذين كانوا مختبئين في هذه المدينة الإستراتيجية غداة سقوطها السبت في أيدي جماعات تمثّل تنظيم «القاعدة» أو تحمل فكره. كما أفيد بأن طائرات النظام شنّت عشرات الغارات أمس على البلدات التي تسيطر عليها المعارضة في ريف إدلب وفي سهل الغاب بمحافظة حماة المجاورة، ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى. وتحدثت مصادر المعارضة مساء أمس عن معارك ضارية قرب معسكر معمل القرميد.
واستغل «الائتلاف الوطني السوري» الجسم الأساسي للمعارضة السياسية في الخارج، مأزق النظام بعد نكسته العسكرية في إدلب وحماة، وقبلها في درعا في الجنوب، وقال رئيسه خالد خوجة إن الانتصارات التي يحققها الثوار «تفرض واقعاً سياسياً جديداً». وصدر موقفه هذا قبل أيام من بدء الوسيط الدولي ستيفان دي ميستورا «لقاءات ثنائية» في جنيف مع ممثلين للنظام والمعارضة وأطراف إقليمية على علاقة بالأزمة السورية، ما يعني أن حكومة الأسد ستذهب إلى هذه اللقاءات في موقف ضعيف عسكرياً بعدما بات زمام المبادرة في أيدي المعارضة، على رغم أن هذه المعارضة التي يغلب عليها الجهاديون لا تتبنى بالتأكيد وجهة نظر «الائتلاف» في ما يخص مستقبل سورية السياسي.
وقال خوجة في بيان نشره أمس «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» إن «تحرير مدينة جسر الشغور الواقعة على الضفة الغربية لنهر العاصي بمحافظة إدلب، يمثّل خطوة إضافية مهمة ومنتظرة على طريق تحرير كامل التراب السوري، الأمر الذي يتطلب انعطافة حقيقية في مستوى الدعم والتنسيق المقدّم لقوى الثورة السورية، بما يمكن أن يعجّل من هذا التحرير ويختصر قدراً كبيراً من المعاناة ويحقن دماء الكثير من المدنيين». وتابع أن «خطوات جادة في هذا الطريق يمكن أن تجبر نظام الأسد على الرضوخ، بخاصة في ظلّ ما يعانيه من تآكل داخلي ونزاعات وتصفيات طاولت شخصيات مهمة في نظامه الأمني»، في إشارة على الأرجح لوفاة مسؤول الأمن السابق رستم غزالي الذي تردّد أنه مات مسموماً بعد ضربه على أيدي عناصر رئيس جهاز أمني منافس.
وقال خوجة في بيانه «إن هذه الانتصارات تفرض واقعاً سياسياً جديداً لا بد من أخذه في الاعتبار، وهي تحتاج إلى دعم يقدم حماية نهائية وحاسمة من اعتداءات النظام الانتقامية بحق المدنيين باستخدام الطائرات والمروحيّات والغازات السامّة المحرّمة من خلال فرض منطقة آمنة»، كما شدّد على ضرورة «سحب كل أنواع الاعتراف القانوني بالنظام المجرم». داعياً إلى «تضافر الجهود من أجل التمهيد لانتقال سياسي كامل يقطع سلسلة الموت التي ينفذّها النظام، ويفتح الباب أمام إعادة البناء والانتقال بسورية إلى دولة مدنية».
في غضون ذلك، أعلن الجيش التركي أنه أرسل طائرتين مقاتليتن من طراز «اف 16» لاعتراض قاذفة سورية من طراز «سوخوي 24» اقتربت من الأجواء التركية. وسارعت الطائرة السورية إلى الانسحاب.