ملفات العنف المدرسي التي تتصاعد تداعيتها كما النيران ، لتنطفأ فجأة ، فهل نسينا مثلاً مدير مدرسة برجا الذي شغل الإعلام لإيام من تنديد له أو دعم ، ثم فجأة طويت صفحته دون أن نعلم إن استمر الحزم أم تسوية ما مرّت "في العتمة " .
غير أن تكرار قضايا العنف يضعنا أمام عدة استفهامات بل واتهامات ...
هل يا ترى ما يجري أمامنا من محاربة للعنف من قبل المعنيين هو نوع من "التهويل الإعلامي " ، ليكن الواقع عكس كذلك ؟
وهل ما نسمعه من الوزارات عن قرارات "لا رجعة فيها " ترجعها السياسية بإتصال واحد ؟
فما بين المعلمة التي ضربت الطالب في طرابلس .
للمدير في إحدى المدارس التابعة لجمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في محافظة الجنوبالذي "عمل فلقة للتلميذ الي مش مهذب " .
لمدير مدرسة برجا وقصته التي أخذت ضجة إعلامية مع تحيز الأهالي له .
وصولاً لآخرها (المصرح به ) وهو ما أعلنته شبكة المنية البارحة عن تعرض طفل من آل علم الدين للضرب المبرح من قبل معلمة في مدرسة الليسيه جنرال - المنية .فقد تعرض حسب الخبر الطفل يامن علم الدين الى الضرب المبرح من معلمته حيث اصيب بجروح في وجهه.
يامن ليس الأول ولن يكون الأخير ، ولكنه هو من المحظوظين الذين ستتحرك الوزارة لأجلهم بسبب ضجة أعلامية .
إلا أنه وفي الواقع ما أعلناه من حالات تعنيف ليس إلا البعض بل والبعض القليل من أمثلة قضايا العنف المدرسي التي فضحها الإعلام ، ولكن حقيقة ، كل يوم يتعرض طفل واحد على الأقل للتعنيف المدرسي في لبنان ؟
غير أن الثقافة التي تبيح الضرب ، وعبارات مثل "اللحم الك والعضم النا " منحت للعنف بعداً ثقافياً ، بل وتربوياً ، إذ برأي الكثيرين أن الولد لا يتعلم إلا بالعصا .
هنا نتساءل عن دور الجهات المعنية وبالأخص وزارة التربية في حماية الأطفال ؟
في الحالات التي سبق ذكره لم تتدخل الوزارة إلا بعد انتشار فيديو ما أو تبليغ أو صور ، فكان التواصل الاجتماعي هو الجرس المنبه لها للتدخل .
ولكن قيام عدد محدد من الحالات بالنشر والتبليغ لا يعني بالضرورة لا يوجد حالات أخرى صامتة بحكم "طبيعة العنف " فلا يجدون به استنكاراً بل على العكس يشجعونه كآلية تعليمية .
فمن واجب الوزارة ليس الجلوس بإنتظار أن يحدث العنف ، بل عليها إقصاء هذه الظاهرة عن المدارس بالرقابة والتوعية .
وهنا لا نتحدث عن حلول "أفلاطونية" بل هي حلول واقعية وفي متناول اليد .
إذ على وزارة التربية والتعليم أن تفرّغ في كل مدرسة من مدارس لبنان مختص اجتماعي ومختص في علم النفس ، لتقع على الأول مراقبة السلوكيات وحماية الأطفال جسدياً والتبليغ عند أي انتهاك ، أما الثاني فعليه التوعية السليمة وتحصين الأطفال نفسياً لإخراجهم من "عادة" التعنيف ، لان العنف المدرسي (المقبول مجتمعياً) يمتد لعنف مدرسي لعنف بين الأطفال أنفسهم .
وعليهما (أي الموظفين) أن يكونا تابعين لهيئة الوزارة مباشرة سواء كانوا في المدارس الخاصة أم الرسمية لمنع أي "برطلة " أو تسييس .
وبالطبع توظيفهما لن يشكل عبء على الخزينة التي ترعى المؤتمرات والندوات والحملات ، لتعتبر الدولة من هذا المنظور "الطفولة حملة وحق " وترعاها .