لم يكن مرور القرار الدولي بحق الحوثي وصالح دون ثمن مدفوع سلفاً للروسي الذي لم يستخدم حق الفيتو كعادته بوجه قرارات دولية تطال حلفائه في منطقة الشرق الأوسط ولم تكن المكالمة الهاتفية بين الملك والقيصر للاطمئنان عن صحة بعضهم البعض بل انها جاءت متممة لترتيبات سعودية – روسية بحق اليمن ومن شأنها فتح المجال لتسويات سياسية مبنية على شرعية الرئيس هادي الهارب من عدن الى المملكة مخافة من الحوثي الذي ظنّ أن قوته قادرة على احتلال اليمن دون تدخل أو رادع داخلي أو خارجي. وعلى المبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن .
لذا جاء توقف عاصفة الحزم تلبية لرغبة روسية أخذت على عاتقها مسؤولية ضبط الحوثي والعودة به الى طاولة المفاوضات وتحت سقفها الخليجي بعد أن خسر الحوثيون امكانيات القوّة التي عوّلوا عليها كثيراً لتقويض العملية السياسية الجارية في اليمن منذ اخراج على عبد الله صالح من الحكم بضمانة سعودية تكفل حياته وأمواله من أيّ ملاحقات دولية أو يمنيّة .
لأول مرة يلعب الدب الروسي بطريقة ناعمة ولم " يتعنتر " كعادته وبطريقة تجعله مُتقناً للتهديد القولي دون فعل يُذكر ويتناغم مع المملكة الأمريكية الهوى في حدث حسّاس جدّاً بالنسبة للسعودية لأنه يطال أمنها المباشر ويراعي مصلحة دول مجلس التعاون الخليجي ومجلس الجامعة العربية في حرب يمنية قد تكون الأشرس من بين الحروب الدائرة ما بين ايران والسعودية .
ثمّة دوافع كثيرة جعلت الدب الروسي حمامة سلام في اليمن وأهمها الاتفاق النووي واقتراب ايران واقترانها بالشيطان الأمريكي وما في هذا العقد من الزواج بين الدولتين من شروط تجعل من روسيا دوراً فارغاً من أي قيمة مادية ومعنوية باعتبار العلاقات الروسية – الايرانية وليدة الصراع مع الغرب عموماً وأميركا خصوصاُ وبانتفاء أسباب الصراع تنتفي أسباب العلاقة مع روسيا .
وتتضح الصورة أكثر من خلال المشهد اليمني أذ لم تحرك روسيا ساكناً تجاه عاصفة الحزم وتركت الايراني وحيداً في لعبة تجاوزته وغلبته نتيجة ولادة مشروع عربي رأسماله البترودولار والعسكر المصري ومؤيد من أمريكا وأوروبا ودول اقليمية ومن التشكيلات الدولية بحيث أن ايران وجدت نفسها وحيدة أمام جحافل عربية وقد تخلى عنها محور الممانعة والذي تستند اليه في مواجهتها المفتوحة مع العرب فلا الصين كانت حاضرة ولا روسيا كانت جاهزة لدعم ايران من خلال الحوثيين الذين فقدوا بساعات ما بنوه بسنيين .
ومن الدوافع أيضاً استباق روسيا لايران في مشروع المفاوضة والمقايضة على الدول التي تشهد صراعات أو حروباً فاذا كانت الجمهورية الاسلامية تسعى لبيع حصتها من الصراعات الدائرة في المنطقة لصالح الأميركي فان روسيا تملك أيضاً حصصاً للبيع فلماذا تترك ايران تتفرد بعملية البيع وتحصيل المكاسب ولا تبادر هي الى تحصيل مكاسب تستحقها ؟
من هنا كان التفاهم السعودي – الروسي بمثابة التجربة المطلوبة لتثمين المواقف والدخول بعملية التفاوض المباشر لتحقيق المنفعة الروسية من القضية اليمنية واذا ما نجحت الوساطة بعد عاصفة الحزم أي بعد تدمير مراكز القوّة الحوثية فان المشهد سيتكرر مع عودة الأمل لأن روسيا حسمت أمرها بعد دور ايران في المنطقة الآيل الى تحسين شروطها مع الادارة الأمريكية باتجاه التعاطي الايجابي مع العرب ومن البوابة الخليجية وتحديداً من باب المملكة عدوة ايران .