كلما حصل تطور سياسي مهم في العالم العربي والاسلامي يبدأ بعض المعممين وقرّاء العزاء ومعهم بعض السياسيين والمحللين السياسيين باسقاط بعض الاحداث والرؤى الدينية على هذه التطورات وتبدأ التوقعات والاحاديث عن ارتباط ما يجري بظهور الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف وان ما يجري موجود في بعض الكتب الدينية وفي الاحاديث الشريفة وفي كتاب الجفر وان كلما ما يجري موجود في النصوص الدينية.
ولا يمكن استعراض كل التطورات السياسية والعسكرية التي تم ربطها بالاحاديث الدينية وبعض الروايات المنسوبة للرسول الكريم (ص)والائمة عليهم السلام، ولكن يمكن ذكر بعض هذه الاحداث ومنها على سبيل المثال والتي عشناها في العقود الاخيرة: فعند انتصار الثورة الاسلامية في ايران وبروز الامام الخميني انتشرت الاخبار والقصص والروايات بان الامام الخميني هو من سيسلّم الراية للامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، وبعد ان توفي الامام الخميني بدأ الحديث ان الامام الخامنيء هو الخراساني وعند بروز الرئيس الدكتور احمدي نجاد قيل انه اليماني او انه احد مساعدي الامام المهدي.
وعند حصول الحرب العراقية على الكويت انتشرت الاحدايث حول الحرب في رجب وان هذه الحرب ستمهد لظهور الامام المهدي واننا سنشهد اشتعال الحرب العالمية الثالثة وبدأ الناس في بلادنا يجهزون الاطعمة خوفا من حصول مجاعة.
وعندما حصلت الاحداث في السعودية بعد ثورة جهيمان قيل ان هذه الاحداث ستؤدي لظهور الامام المهدي. وبعد انطلاق الثورة الشعبية في سوريا ومن ثم تطور الاحداث في درعا بدأت تنتشر الاحاديث عن ارتباط ما يجري في سوريا بظهور السفياني والتمهيد لظهور الامام المهدي.
وبعد ظهور داعش والنصرة في سوريا والعراق وبروز ابو بكر البغدادي قيل ان هذا هو السفياني وان الظهور اصبح قريبا.
وهناك روايات اخرى برزت خلال الحرب اللبنانية وربطت بين الاحداث وبين ظهور الامام وكان يتم تدوال اسماء المسؤولين في لبنان وسوريا وربطها بالاحاديث الدينية.
ورغم ان مرشد الجمهرية الاسلامية الايرانية الامام الخامنيء وامين عام حزب الله السيد حسن نصر الله قد عمدا منذ فترة لالقاء محاضرات وارسال توجيهات لمناصريهم ومؤيديهم بعدم ربط الاحداث والاشخاص بظهور الامام المهدي ، فاننا نلاحظ انه كلما حصل حدث سياسي كبير نعود للنغمة ذاتها ويعود الحديث عن ربط ما يجري بالامام المهدي ، وهذا ما لاحظناه مؤخرا بعد التطورات في اليمن حيث انتشرت المقالات والاشاعات والاساطير بان ما يجري هو تمهيد لظهور الامام المهدي وان عبد الملك الحوثي هو احد مساعدي الامام المهدي.
وكي لا نصدم مرة اخرى علينا ان ننظر الى ما يجري برؤية سياسية – استراتيجية هادئة ونبحث عن الاسباب السياسية للتطورات ونضعها في سياقها الطبيعي ونوقف اسطرة الاحداث السياسية.