حركة الرئيس سعد الحريري متسعة. منذ تسلم الإدارة السعودية الجديدة زمام الحكم، يتنقل في حركة لا تهدأ، بين عدد من الدول الإقليمية، من القاهرة حيث التقى الرئيس عبدالفتاح السيسي، إلى أنقرة حيث التقى الرئيس رجب طيب اردوغان، حلّ بالأمس ضيفاً في الدوحة والتقى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

جرى التباحث في آخر تطورات التضامن العربي، وعاصفة الحزم في مواجهة التمدد الإيراني في اليمن عسكرياً، فيما تستمر المواجهة السياسية العربية لهذا التمدد في سوريا والعراق.

يتحرّك الحريري بإشارة سعودية. تؤكد مصادر بارزة لـ"المدن" أنه حصل على الضوء الأخضر، من الحكم السعودي الجديد، لإعادة تفعيل عمله السياسي، وفق ذلك عاد الى لبنان، وأعاد ترتيب الأولويات، ومن ثم عاد الى الرياض لمتابعة التطورات المرتقبة. وعن هذه الحركة، تقول المصادر إن الحريري يضطلع بدور بارز بعد التنسيق التام مع ولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف، ويتركز على الاتصالات مع عدد من القيادات الإقليمية لتركيز الاهتمام على الوضع السوري، ومواجهة النظام السوري الذي صمد بفعل قوة "حزب الله".

ترى السعودية – الإدارة الجديدة في الحريري شاباً معتدلاً قادراً على المحاورة، ويعطي نظرة جيدة عن الاسلام المعتدل. أبعد من ذلك تشير المصادر إلى أن الإدارة السعودية ترى أن أي خطة عربية مستقبلية لمواجهة إيران لا بد أن يكون لبنان ذراعاً أساسية فيها لتحقيق التوازن مع الذراع الايرانية الأقوى في المنطقة، إن لم يكن ليّ تلك الذراع. وتختصر المشهد بالقول إن المنطقة دخلت في حالة حرب معلنة، بعد كلام المرشد الإيراني علي خامنئي عن عزمه تمريغ أنف السعودية بالوحل، يعني أن المنطقة تتجه نحو التصعيد، لذا كل طرف يتجه الى تجميع أكبر قدر من الأوراق في يده.

يأتي اللقاء مع الأمير تميم من هذه الخلفية. التشديد على التعاون والتضامن العربيين هو العنوان، كما جرى البحث في الجهود القطرية المبذولة لصالح لبنان وأولها الاتصالات التي تسهم بها، والاستعدادات التي ابدتها من أجل إنهاء قضية العسكريين المخطوفين، وهنا شكر الحريري أمير قطر على كل ما يقوم به. عدا عن هذا فإن الاهتمامات تركزت على ما هو أبعد من ذلك لا سيما إن جرى ربطها بزيارات الحريري الى تركيا ومصر وببعض التصريحات.

قبل أيام ووفق ما تؤكد مصادر "المدن" فإن الحريري أجرى اتصالاً بحليفه رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع تناولا خلاله آخر التطورات. خلال الاتصال أبلغ الحريري جعجع أن هناك توجهاً لإطلاق عاصفة حزم في سوريا للقضاء على النظام السوري، وبناء على هذا الاتصال أتى تصريح جعجع عن ان عاصفة الحزم لن تتوقف في اليمن.

شيء من هذا القبيل جرى بحثه بين الحريري وأمير قطر بالأمس، اذ تشير مصادر "المدن" إلى أن هناك اتصالات عربية تركية تقودها قطر من أجل إنهاء مأساة الشعب السوري، وتقول إن الحريري اطلع من الشيخ تميم على آخر تلك الاتصالات.

بالتأكيد ليست خطة كهذه بالأمر السهل، اذ تعتبر المصادر أنه لم يعد بإمكان العرب السكوت، لا في سوريا ولا في العراق، والأولوية لسوريا التي ذبح شعبها أربع سنوات على مرأى العالم، وتشير إلى أن التدخل في سوريا يبحث بشكل جدي، وقد لا يكون على شاكلة عاصفة الحزم، بل هناك امكانية إقامة منطقة حظر جوي في حلب وادلب من أجل تعزيز المعارضة المسلحة ودعمها وتمكينها. وتستشهد المصادر بما يجري في حلب والتقدم الذي تحرزه المعارضة، بعد ادلب، وتقول إن العاصمة الثانية توشك على أن تحرر كلياً، وتلفت إلى أن التحرك في الشمال سيكون مدعوما في الجنوب، أي في درعا التي تعتبر شبه خالية من التيارات المتطرفة نسبة للمناطق الأخرى. وسيحصل مقاتلو الجيش السوري الحر على أسلحة نوعية، وتدريب، وانطلاقاً من كل ذلك يأتي تحرك الحريري مرافقاً لكل هذه الاتصالات لان "حزب الله" هو الطرف الأقوى على الأراضي السورية.

وعن العلاقة بين لبنان وسوريا، تعتبر المصادر أنه لا يمكن فصل لبنان عن ما يجري في سوريا، خصوصاً أن المواجهة السعودية ضد ايران و"حزب الله" على أشدها، بعد أن اثبتت الرياض وجودها العسكري في عاصفة الحزم، وهي لم تعد بحاجة للاعتماد على اي طرف يرفض التدخل، في إشارة إلى الولايات المتحدة الأميركية التي أكد رئيسها باراك اوباما مؤخراً أنه يدعم اي تحرك عربي لضرب الأسد، ما معناه أن واشنطن غير مستعدة للدخول في حرب عن أحد، وهنا تتوقع المصادر المزيد من التصعيد على الساحة اللبنانية ربطاً بتطور الصراع السعودي الايراني، لذا سيكون للحريري دور في ذلك الحين. 

 

 

بقلم : ربيع حداد