أن حوار عين التينة بين حزب الله وتيار المستقبل الذي انطلق في شهر كانون الأول من العام الماضي وقطع اشواطا من التقدم لا بأس بها حيث اشاع جوا من الارتياح لدى جمهور الطرفين وساهم في تراجع منسوب الشحن المذهبي إلى حدوده الدنيا. فإنه اليوم يتعرض لاصعب امتحان في سياق مسلسل المطبات التي كان يتعرض لها منذ انطلاقته بعد السجال السياسي والاعلامي المتصاعد نحو التأزيم والعالي اللهجة والذي يختزن الكثير من الاحتمالات الخطيرة وذلك على خلفية الحدث اليمني وتداعياته على الساحة اللبنانية.
فالرئيس نبيه بري وهو الراعي لهذا الحوار والعين الساهرة عليه والحريص على استمراريته فإن التطمينات التي يحاول اشاعتها بين اللبنانيين على إمكانية حضور الطرفين في الجلسة المقررة غدا الثلاثاء. فإن هذه التطمينات تنطوي على قدر كبير من المخاوف وتحجب خلفها جملة من الهواجس تشي بأن رياح الحرب الآتية من اليمن قد تنسف الحوار وتقلب الطاولة رأسا على عقب وفي أحسن قد تؤجل الحوار إلى أجل غير مسمى.
فالهجوم الذي شنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله على المملكة العربية السعودية وإطلاق الأوصاف المسيئة على حكامها بسبب قيادتها لعاصفة الحزم والانخراط في الحرب اليمنية مستهدفة بالغارات الجويه المواقع العسكرية للحوثيين ومخازن الأسلحة وأماكن تجمعهم وتواجدهم مما حد من تمددهم وحال دون توسيع رقعة انتشارهم وكذلك تصريحات المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية السيد علي الخامنئي التي هاجم من خلالها حكام السعودية مشبها ما قامت به المملكة في اليمن بما قام به العدو الإسرائيلي في غزة ومعتبرا المسؤولين السعوديين مجموعة من الصبية الذين لا يملكون الخبرة فيغلبون منطق التوحش في سياساتهم على الاتزان مما يؤدي إلى تمريغ أنف السعودية في اليمن وأنها ستتلقى ضربة وتهزم فيه.
وهذا يؤشر إلى أن العلاقات بين طهران والرياض تسير نحو المزيد من التوتر والتعقيد والارباك والتي قد تصل إلى حد القطيعة والتصعيد في الاتهامات المتبادلة. الأمر الذي سيكون له انعكاسات سلبيه مباشرة على علاقة حلفاء العاصمتين في لبنان مما يزيد من اتساع الفجوة بين الفريقين ويؤدي إلى التشنج في الخطاب المتبادل بينهما ورفع وتيرة التصعيد السياسي والاعلامي وقد تكون أولى ضحايا هذا التصعيد هي طاولة الحوار. فكل المعطيات تشير إلى أن الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل قد دخل مرحلة صعبة وأن انفراط عقده يعادل حظوظ نجاحه بالاستمرار. ويبدو واضحا ان حزب الله ماض في الانضمام إلى التحالف المعادي للسعودية في اليمن لدرجة يتصرف وكأنه جزء من المواجهة هناك.
وبالتالي فإنه مصر على التصدي لأي هجوم عليه في الداخل اللبناني وفي الساحة الإقليمية ويتعامل مع الحدث اليمني وكأنه لاعب إقليمي. لكن مع ذلك فإن أوساط حزب الله تؤكد أنه ما زال منفتحا على الحوار ومستعدا للمضي فيه. وأنه لن يكون وتحت أي ظرف هو المبادر إلى الخروج من دائرته لكن إذا اقتضت حسابات الطرف الآخر الخروج من الحوار فعليه أن يتحمل هو تبعات ذلك القرار وما قد يترتب عليه من تداعيات سلبيه على الوضع اللبناني.
وعليه فإن حزب الله يسلك طريق الإحراج للاخراج فهو بهجومه على المملكة العربية السعودية يحرج التيار الأزرق لاخراجه من طاولة الحوار وبذلك يسهل عليه إيجاد المبرر لاتهام خصومه وعلى رأسهم تيار المستقبل بالعرقلة والتعطيل وتعريض الأمن والاستقرار في البلد للاهتزاز.