تمتاز حرب اليمن عن غيرها من الحروب والأزمات المشتعلة في المنطقة بين الجمهورية الاسلامية الايرانية والمملكة العربية السعودية بأنها النتيجة الحاسمة لصراع الدولتين على أراضي الآخرين كون اليمن خاصرة المملكة الأمنية ووضع اليدّ الايرانية عليه يعني وضع اليدّ على أمن المملكة لذا لم تتأخر السعودية كثيراً للدفاع عن أمنها من خلال عاصفة الحزم التي ضمت العرب تحت قيادة المملكة في سابقة تاريخية قلّ نظيرها في التجربة العربية وهذا ما لم نراه في المشهد السوري بحيث تماهت المملكة والعرب مع اللعبة السورية ولم تبذل جهداً فعلياً لوضع حدّ لحرب أكلت ربع السوريين حتى الآن .
يستند الايرانيون في اليمن الى قوّة الطائفة المدعومة من قبلها بعد مصالحة الحوثي بعلي صالح ومن ثم شراكتهما في احتلال اليمن عسكريّاً واخراج شرعيّة الرئيس منصور الخليجية من القصر ومن ثم من عدن توطئة لحكم الشريكين علي عبد الله صالح وعبد الملك الحوثي وبذلك يصبح اليمن جزءًا من حدود الأمن الايراني ودوراً وظيفيّاً في مشروع قوّة ايران في منطقة الشرق الأوسط .
لأن اليمن غير سورية حيث النظام " البعثي" يعاني فقر التأييد الشعبي كون الكتلة السُنيّة هي الكتلة الشعبية المسيطرة والأقليّات فيها مجرد ضيوف شرف على واقع الديمغرافية السورية ولم تستطع ايران ولا النظام من قبل في جعل سورية دولة غير علويّة لذلك دفعت ايران بقوتها المباشرة للدفاع عن نظام لن يستطيع الصمود طويلاً أمام أكثرية سُنيّة كارهة لعائلة الأسد .
بينما اليمن المُكتظ بالزيدية التي يمثلها الحوثيون وحزب علي عبد الله صالح لا يحتاج الى وجود ايراني مُكثف للدفاع عنه حتى أن الزيدية السياسية قد حسمت أمر المحافظات بثواني معدودات ولولا المملكة العربية لرُفع العلم الايراني في اليمن كدولة مرتبطة مباشرة بالاستراتيجية الايرانيّة لأن قُدرات غير الزيدية معدومة ولهذا اجتمع العرب وعزموا أمرهم على قتال ايران في اليمن للحدّ من السيطرة الحوثية ولاستنهاض كبوات الحراكات اليمنية الخائفة من زحف صالح – الحوثي .
ان ايران تملك أرض اليمن من خلال طائفة أكثرية ومسلحة ومستعدة للشهادة حتى آخر حوثي في حين أن السعودية تسيطر على سماء اليمن وعلى البر والبحر لكنها غير قادرة وحتى الآن على دخول اليمن رغم جحافل الجيوش العربية المُستعدّة لدخول اليمن اذا ما أرادت المملكة ذلك لأن تحرير اليمن بفعل عاصفة الحزم سيجعل من المملكة دولة محتلة ومن اليمنيين شعب مقاومة ولن ترتاح سلطة قامت على وقع أقدام المحتلين ولن تصمد كثيراً جيوش عاصفة الحزم في داخل اليمن وسيكون للهستيرية المذهبية دورها الدموي والمسيطر على حال البلاد والعباد .
لذا تراهن المملكة على مقاومة يمنية مواكبة لضربات واستهدافات عاصفة الحزم ويبدو بأنها مقاومة خجولة حتى لا تضطر السعودية الى اتخاذ الاجراء الأسوأ وتراهن ايران على انحسار عاصفة الحزم لصعوبة السيطرة على يمن ذي غلبة زيدية وبذلك تفرض ايران واقع يمني مذهبي حدّد وبشهادته اتصاله وانتسابه للجمهورية الاسلامية الايرانية ولا امكانيّة عربية لتغيير هوية اليمن المذهبية .
هذا التوصيف لحال اليمن لا يُعد البعد الأخير للحرب اذ أن احداث تغيّرات جوهرية ميدانية من قبيل مقتل صالح والحوثي اذا ما كانا في اليمن من شأنه أن يفتح كوّة في الجدار الداخلي لليمن وفي مسار الأزمة اليمنية كذلك نشؤ أي طارىء ميداني أو سياسي سيضغط على وضع اليمن وسيدفع به الى حدود وتوصيفات أخرى تنسف من توصيفاته القديمة .