قلما تجد حزب سياسي لا يتوسّل الكذب لتسويق خطابه وتغطية أخطائه وخطاياه وإقناع جمهوره بصوابية ما يعتمده من سياسات ولتبرير ما يتورط به من ملفات، وهذه الوسيلة محلّلة عند كل الأحزاب، بمن فيها تلك التي تدّعي القداسة، و"قداسة" حزب الله لم تمنعه توسّل الكذب وتعميم كذبة صدّقها الكثيرين وكاد أن يصدّقها الحزب نفسه من كثرة ما يكرّرها،
تقول بأنّ حزب الله لم يشارك بالحرب الأهلية، لكن كل من عاش الحرب الأهلية أو قرأ عنها يعرف بأن حزب الله شارك فيها وبقوة ولسنوات طويلة، فخاض معارك شرسة مع الحزب السوري القومي( حليفه الحالي) وكان أعنفها في بلدة مشغرة-البقاع الغربي وإصطدم مع الحزب الشيوعي في الكثير من المناطق والمواقع وخاصة" مع جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية (جمول) حيث عمد حزب الله إلى إحتكار العمل المقاوم ومنع الحزب الشيوعي من التحرك في أماكن سيطرته،
وإصطدم مع حركة أمل (حليفته الحالية) في الضاحية الجنوبية وخاض معها العديد من المعارك في الجنوب وكان أعنفها ما عرف ب"حرب إقليم التفاح" التي ذهب ضحيتها أكثر من ألف قتيل، والحرب بين حزب الله وحركة أمل، كانت بالحقيقة حرب نفوذ في لبنان بين النظام الإيراني ممثلا" بحزب الله الذي كان حديث التأسيس، والنظام السوري ممثلا" بحركة أمل التي كانت صاحبة نفوذ ولها باع طويل في الحرب وفي السلطة وفي السيطرة على الأرض، وإستمرت الحرب إلى أن أنهكت الطرفان وتمت التسوية بين النظام الإيراني والنظام السوري التي قامت على إحتكار حزب الله للمقاومة وإحتكار حركة أمل لكامل حصة الطائفة الشيعية في السلطة وفي مؤسسات الدولة،
ولهذا السبب لم يشارك حزب الله في الحكومات اللبنانية خلال فترة الوصاية السورية، وهذا الواقع نتج عنه مؤخرا" كذبة أخرى عممها حزب الله وذكرها الشاهد مصطفى ناصر في شهادته أمام المحكمة الدولية، وهذه الكذبة تقول بأن حزب الله رفض المشاركة في حكومات الشهيد رفيق الحريري لأنها كانت فاسدة، والدليل القاطع على أن ذلك كذب موصوف، هو مشاركة حزب الله بكل الحكومات التي تلت إستشهاد الرئيس رفيق الحريري وخروج الجيش السوري في العام ٢٠٠٥، وكان حزب الله شريكا" في حكومات فاسدة وتورط في العديد من ملفات الفساد كتزوير الأدوية وتبييض الأموال وتصنيع الكبتاغون وفي تهريب البضائع عبر المرفأ والمطار...، ولو كان حزب الله فعلا" لا يريد المشاركة في الحكومات الحريرية لأنها فاسدة، لأحجم عن المشاركة في الحكم وفي الفساد والإفساد الناتج عن تلك المشاركة ومن خارجها.