أقام تجمع العلماء المسلمين في لبنان حفل تكريم سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان محمد فتح علي في مقر التجمع- حارة حريك. حضره المستشار الأول في السفارة محمد حسن جاويد، ورئيس مجلس الأمناء في تجمع العلماء المسلمين القاضي الشيخ احمد الزين ورئيس الهيئة الإدارية في التجمع الشيخ حسان عبد الله وأعضاء المجلس المركزي وحشد من علماء الدين. بداية الحفل ألقى القاضي الشيخ احمد الزين كلمة ترحيبية قائلاً: إننا علماء الدين في التجمع من سنة وشيعة نطل على العالم الإسلامي والعربي لنطرح فكرة كتاب الله لأن "هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون" .
نلتقي على الإلتزام بكتاب الله، داعين للوحدة الإسلامية متجاوزين التفرقة. ثم كانت كلمة لرئيس الهيئة الإدارية الشيخ حسان عبد الله قائلاً: نلتقي اليوم لنكرم صديقاً عزيزاً وأخاً كبيراً عرفناه رسالياً حاملاً مسؤولية تمثيل الجمهورية الإسلامية الإيرانية خير تمثيل عنيت به سعادة سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية الحاج محمد فتح علي. ونحن في تجمع العلماء المسلمين إذ نكرم سعادته، نكرم من خلاله الشعب الإيراني البطل ونتنسم منه أريج وعبق الولاية المتمثلة بسماحة الإمام القائد السيد علي الخامنائي مد ظله الوارف والقيادة الإيرانية المتمثلة بكل مواقع السلطة من رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية الشيخ الدكتور حسن روحاني ورئيس مجلس الشورى الدكتور علي لاريجاني
ووزير الخارجية السيد محمد جواد ظريف.إننا اليوم نعيش فرحة عارمة بانتصار الديبلوماسية الإيرانية في الوصول إلى إثبات حقها في التكنولوجيا النووية السلمية بعد اثني عشر سنة من المفاوضات الشاقة والصعبة والتي أثبتت من خلالها الجمهورية الإسلامية الإيرانية أنها مستعدة لتحمل كل الصعاب والمشاق في سبيل إحقاق الحق وأنه لا ينفع معها لا حصار إقتصادي ولا عقوبات ولا التهديد بالفتن والحروب.
إنها معادلة بسيطة لو أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تخلت عن قضية العرب الأولى القضية الفلسطينية لما كانت عانت لأثني عشر سنة من العقوبات والمؤامرات ولكانت هي القائدة وصاحبة الكلمة الأولى على كل دول المنطقة ولكنها جمهورية المبدأ والرسالة ولا يهمها الثمن الذي سيُدفع، وحسبها ما قاله الإمام الحسين عليه السلام " هون ما نزل بي أنه في عين الله".
إننا في تجمع العلماء المسلمين نبهنا منذ مدة طويلة إلى أن غضب وحنق بعض الدول الخليجية وعلى رأسها حكام الحجاز أدى بهم إلى الدخول في مغامرات غير محسوبة النتائج وهم يُعدون العدة اليوم لاشعال المنطقة في فتنة مذهبية بين السنة والشيعة مصورين أن الصراع هذه طبيعته، وهذا كذب واضح وتعمية، فالقضية في جوهرها أن خط المقاومة الذي تقوده الجمهورية الإسلامية الإيرانية انتصر في أماكن متعددة فلم تنفع الحرب على العراق من أخذها رهينة، وخرجت أميركا منها مدحورة ولم تستطع السعودية أن تحصل على مكاسب رغم الأموال التي دفعتها، وهذه سوريا أربع سنوات من القتال والضغوط وما زالت صامدة وقوية، وهذه اليمن يمن الخير انتصر فيها الفقراء على فراعنة هذا الزمان.
إن القضية باختصار هي ما أعلنه نتنياهو عندما قال " يجب أن يتضمن الاتفاق حق إسرائيل بالوجود" فقد اختصر كل الأزمة بعدة كلمات، القتال والحرب في المنطقة هي حرب الصهاينة وأعوانهم لتثبيت وجود الكيان الصهيوني الغاصب، والطائرات الحربية المتطورة ليست لتحرير فلسطين بل لضرب كل من يرفع شعار (الموت لإسرائيل) لذلك نراها قوية على الشعب اليمني الفقير، والحرب ليست بين سنة وشيعة أو عرب وفرس، والدليل ألم يكن جمال عبد الناصر القومي العربي السني إلى جانب الثورة في اليمن بقيادة عبد الله السلال وكانت السعودية تخوض الحرب إلى جانب الحكم الزيدي (الشيعي) وكان شاه إيران الفارسي الشيعي إلى جانبها؟!!
إن إنقلاب المعادلة اليوم يؤكد أن الهدف واحد وهو عندما تشعر دول الخليج أن هناك خطراً على الكيان الصهيوني والذي بوجوده يكون تربعهم على عروشهم ينتفضون ليقاتلوا المد المقاوم، فالقضية مقاومة والوجهة فلسطين، وكل ما عدا ذلك كذب ودجل لا قيمة له.
فما كانت أيام عبد الناصر قضية سنة وشيعة وليست هي كذلك اليوم. وفي الختام ألقى سعادة السفير الحاج محمد فتح علي كلمة مما جاء بها: في البداية أتوجه بالشكر والتقدير إليكم أيها الأحبة الأفاضل في تجمع العلماء المسلمين على دعوتكم الكريمة والطيبة... فأنا أقدر عالياً هذا اللقاء الكريم وأعتبره فرصة ثمينة للغاية بالنسبة لي لأنه يجمعني بإخوة أحبة أعتز بهم وبدورهم الريادي والرسالي لاسيما في لبنان وفي العالم الإسلامي خاصةً في هذه الظروف الصعبة والمحن القاسية التي تمر بها أمتنا الإسلامية. فالعلماء أمناء الرسل وحملة الرسالات, فالمسؤولية على عاتقهم خطيرة وكبيرة جدًا...
فكما تعلمون أيها السادة فقد ابتليت الأمة مؤخرًا برؤى متعددة حول كيفية قراءة الإسلام للمجتمع والحكومة والحكم والسلطة من خلال جماعات تكفيرية كانت صنيعة الغرب المستكبر ودويلته العدو الصهيوني عملت على تشويه صورة الإسلام وتغيير مفاهيم وتعاليم الإسلام السامية وبدلت بوصلة العالم الإسلامي باتجاه قضيته المركزية فلسطين. أمام هذه التحديات كان للعلماء دور أساسي ومركزي في توعية الأمة أمام مخاطر هذا الفكر المنحرف ومواجهته ليس عسكريًا وأمنيًا فحسب بل بالدرجة الأولى مواجهته فكريًا وثقافيًا واجتماعيًا وإعلاميًا.
وأنتم تتميزون بأنكم طليعة هذه الأمة, فتجمع العلماء المسلمين يضم نخبة مباركة من العلماء سنة وشيعة نحن أحوج ما يكون إلى جهودكم ودوركم الرسالي الذي يقدم صورة ناصعة عن الإسلام الواحد, الإسلام المحمدي الأصيل الذي لا يفرق بين المسلمين أما فيما يخص أبرز التطورات: ففي الملف اللبناني فإننا في الجمهورية الإسلامية الإيرانية وفي ظل القيادة الحكيمة للولي القائد الإمام السيد علي الخامنئي دام ظله الشريف وحكومة فخامة الرئيس الدكتور حسن روحاني نقف دائمًا إلى جانب لبنان حكومةً وشعبًا ومقاومةً مؤكدين على وحدته الوطنية واستقراره الداخلي في مواجهة كافة الأخطار التي تحيط بلبنان لاسيما في مواجهة العدو الصهيوني... آملين أن نشهد في القريب العاجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية بما يحقق للبنان مزيدًا من الإستقرار والأمن والثبات.
أما فيما يتعلق بتطورات المنطقة: فنحن في إيران ومنذ انتصار الثورة الإسلامية المباركة في إيران بقيادة العبد الصالح الإمام الخميني قدس سره نؤكد على تعزيز وتطوير علاقات الأخوة وحسن الجوار بين الدول العربية والإسلامية الشقيقة وعلى حق الشعوب في تقرير مصيرها دون أي تدخل خارجي أو فرض إرادات خارجية, ونعتقد أن أي شرخ أو خلاف أو تباعد بين الدول العربية والإسلامية يصب في مصلحة العدو الصهيوني .
أما في الملف الفلسطيني: فإن البوصلة ستبقى باتجاه فلسطين لأنها قضية المسلمين الكبرى والجمهورية الإسلامية الإيرانية ستبقى السند الداعم والقلعة الحصينة لفلسطين وللشعب الفلسطيني ومقاومته الشريفة الباسلة مؤكدين بأن لا حل للقضية الفلسطينية إلا بالمقاومة والجهاد والوحدة .وفي الملف النووي الإيراني: فاسمحوا لي أيها الأحبة بأن أشير إلى أن الاتفاق النووي الأولي ما هو إلا ثمرة جهاد طويل مرير واجهه الشعب الإيراني طيلة خمسة وثلاثين عامًا, سعى فيها أعداؤنا لإخضاع إرادتنا ورهن مستقبلنا وثرواتنا وقدراتنا. إلا أننا والتزامًا بالإسلام والقرآن العظيم ثبتنا على حقنا لأنه لا يضيع حق وراءه مطالب وأكدنا للعالم بأننا عندما نثق بربنا وبشعبنا وقدراتنا وحقنا لا بد من أن ننتصر. فالذي تحقق في لوزان هو انتصار ليس لإيران فحسب, بل لكل شعوب أمتنا العربية والإسلامية ولكل أحرار العالم. أخيرًا ؛ أجدد شكري لكم أيها الأحبة على هذا اللقاء الطيب داعيًا المولى تعالى أن يوحد أمتنا لما فيه خيرها وعزتها وكرامتها.