لطالما تمايز الرئيس بري في مواقفه عن حزب الله، خصوصا في المواقف الحساسة، فوضع مصلحة لبنان حاجزا أمام كل من يحاول تقديم مصالح الآخرين على حساب وطنيته، وقدمها أيضا فوق كل اعتبار، وبري معروف عنه رجل الحلول للمشاكل الصعبة، ففي ظل تهجم الحزب الشديد والدعوة إلى الوقوف في وجه السعودية إزاء "عاصفة الحزم" التي أعلنتها على اليمن، كان الرئيس بري حياديا في قراراته محاولا في ذلك الحفاظ على الصداقة اللبنانية-الخليجية لأجل نأي لبنان عن الصراعات الخارجية والداخلية أيضا، لذا كانت دعوته للحوار بين فرقاء الأزمة اليمنية من هذا المنطلق كما جاء في بيان حركة أمل الذي ينص:" "أن الدعوة إلى الحوار يعود لأجل الحرص على إيجاد حلول تجنب المنطقة المواجهات العسكرية."
وقد أظهر بذلك عن عقلانية ووطنية بعيدة كل البعد عن موقف حزب الله التهجمي،ففي مخالفة بري لمواقف حلفائه دعوة لتحقيق التوافق العربي ومحافظة على بقاء العلاقات قوية ومتينة مع العرب وبالأخص دول الخليج ، ومحاولة للخروج من الأزمات والمآزق.
وهذه ليست المرة الأولى التي يتمايز فيها الرئيس بري عن حلفائه فهناك أيضا عدة نقاط منها موضوع القتال في سوريا حيث اقتصر الأمر على شباب الحزب ، باعتبار أن هذا التدخل العسكري يورط لبنان بحرب هو بغنى عنها وعن تداعياتها كما هناك اختلاف في المسائل الدينية كاتباع ولاية الفقيه.
فهذه التباينات والإختلافات رغم هيمنة الحزب على الطائفة الشيعية ورغم أن الدور الحركي قد خف، إلا أن الجدير ذكره عدم سماح الرئيس بري لأي من الدول الخارجية التحكم في القرارات وفي مصير البلد والتفكير بمستقبل الوطن
. "بيحسبها صح"، نعم هذا ما قام به بري وأعلن موقفا مغايرا تماما للحزب إذ أنه عرف ما ستتعرض له العائلات اللبنانية الشيعية في الخليج (المحسوبين على سماحته) ليطل هو وينقذ الموقف الصعب للكثير من المهاجرين. فاللبنانيون موجودن بنسبة عالية و كبيرة في دول الخليج، وقد أفادت بعض الصحف عن ان حوالي 360 الف لبناني يعملون في الخليج، غالبيتهم من الطائفة الشيعية، تم تعريض مصالحم للخطر.
إن تغليب المصلحة الوطنية دفع بري إلى اتخاذ هذا الموقف الوطني، لعله بذلك يكون مثالا لحلفائه كي يأخذوا بعين الإعتبار الخطورة التي يتعرض لها لبنان بسبب مواقفهم اللامسؤولة والمتهورة والتي تضع مصير وطن بكامله على المحك.