حرص السيّد حسن نصرالله في مقابلته أمس مع قناة الاخبارية السورية على توجيه رسائل مكررة الى العرب كحكام وأنظمة آيلة الى السقوط والى شعوب الربيع أو " الخريف " العربي الذين أضلوا الطريق بعد أن أضاعوا بوصلة فلسطين وارتكبوا بحق القضية جرم الابتعاد عن الجهاد المُقدس في سبيل القدس وتحرير الأرض من اليهود المحتلين .
وشدّد على ضرورة أن يستبصر السوريون وأن يعوا حقيقة المؤامرة الكونية التي تستهدفهم من خلال نظام طليعي وريادي في خط المقاومة كما طالب من الفلسطينيين الاستمرار في المقاومة ضدّ المحتل جنباً الى جنب على قاعدة تحفظ المشترك الجهادي وتنظيم الخلاف القائم بين مقاومتيّ حزب الله وحماس بواسطة الاستمرار بالحوار في المسائل الخلافية من سورية الى اليمن كما أنه نصح فتح أبي مازن بالاهتمام بقضيته الوطنية وعدم الانجرار وراء الحكام العرب المنتصرين لليمن لا لفلسطين .
هذه الرسائل وعلى أهميتها ورغم ورودها في كل مناسباته الخطابية لم تُسهم في خلق مناخات جيدة في الفضاءين الفلسطيني والسوري اذ أن الأول وسواء كان السلطة الفلسطينية أو حركة حماس يراوح مكانه السياسي ومنحاز بالكامل لرؤية تعاط جديد مع الاحتلال من خلال اعتماد وسيلتي السلام المندفع بالنسبة للسلطة والسلام الحذر بالنسبة لحماس التي شغلها الربيع العربي وما تلاه من نتائج جعلتها في خضم أحداث أكبر بكثير من حسابات المقاومة تماماً كما هو حال المقاومة اللبنانية المشغولة بالصراعات الاقليمية كونها تحدد شروط المرحلة الجديدة في منطقة الشرق الأوسط .
كما أن السوريين أنفسهم أمسوا خارج الفعل السياسي سواء كانوا مواطنين عاديين أو وكلاء لحربهم الضروس في صفيّ النظام والمعارضة وباتت تأثيراتهم على مستقبلهم السياسي صفر لأن القرار بيد دول خارجية وبالتالي فان منظومة المصالح الجديدة والتي نمت وترعرعت في أحضان الأزمة السورية أقوى بكثير من منظومة المصالح التي كانت سائدة وسط النظام وقبل أطفال درعا وخروجهم البريّء لاسقاط الرئيس .
لهذا يبدو أن ثمّة استهلاك في الدعوات المجانية لحلول باتت بحكم الاعجاز على ضوء المضاعفات المتزايدة في الحرب السورية وفي المنطقة عامة اذ لا سبيل الى وقف العنف وتحكيم العقل ما دامت الحروب ليست أخلاقية بقدر ما تُعبر عن مصالح كبرى مستفحلة في فحولة دول اقليمية ودولية تصطنع لدورها القيادي مكاناُ ثابتاُ ولا مجال له سوى استخدام الدم لتأكيد زعامة بحجم الثروة الأوسطية