عقب يوم واحد من تصريحات للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أشار فيها إلى إمكانية التدخل في اليمن بشكل أكثر توسعا ضمن تحالف دولي تقوده المملكة العربية السعودية لدعم الشرعية المتمثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي، أوضحت مصادر مصرية وخبراء عسكريون أن «مصر تضع كافة الخيارات على الطاولة أمام الأطراف الإقليمية التي تدعم الحوثيين، من أجل إرسال رسالة استراتيجية واضحة بأن الاستمرار في إثارة الاضطرابات في اليمن مسألة عالية التكلفة». وقالت مصادر مصرية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن «الرسالة الأساسية في كلام الرئيس السيسي هي رسالة استراتيجية، موجهة إلى مختلف الأطراف التي تدعم الحوثيين، بأن مصر لديها القدرة والإمكانيات للجوء إلى كافة الوسائل لوقف عملياتهم في اليمن.. ما يعني أن استمرار تلك الأطراف في مسلكها الذي يرفض العودة إلى الحوار هو مسلك عالي الكلفة».
وأكدت المصادر أن «الرئيس دأب على إيضاح كل الأمور للشعب المصري.. ومن هذا المنطلق، فإنه يضع أمامهم الحقائق، ومن بينها أن سيناريو التدخل في اليمن مطروح». موضحة أن «الإشارة إلى الأمر لا تعني أن هناك قرارا اتخذ ببدء عمل على الأرض، لكن مصر دولة كبيرة ولا تتحرك عشوائيا.. والدول الكبرى دائما يجب أن تكون مستعدة لكافة الاحتمالات وفقا لمتطلبات العمليات الجارية».
وقال الرئيس المصري: «نحن أمة تدافع عن نفسها»، مشددا في تصريحاته على أنه «حين نقول إننا نقف وندافع عن أشقائنا فهذا أمر ليس خاضعا للنقاش، ومصر لن تتخلى أبدا عن أشقائها في الخليج، نحن قادرون على ذلك وسنقوم معهم بحمايتهم والدفاع عنهم إذا تطلب الأمر ذلك».
وبالأمس، التقى الفريق أول صدقي صبحي وزير الدفاع المصري، اللواء الركن زكريا شيخ إبراهيم رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الجيبوتي والوفد المرافق له الذي يزور مصر حاليا. حيث تناول اللقاء المستجدات والمتغيرات المتلاحقة على الساحتين الإقليمية والدولية في ظل الظروف الراهنة والتطورات الأخيرة في اليمن وما تشهده منطقة جنوب البحر الأحمر من توترات وحالة من عدم الاستقرار الأمني، كذا أوجه التعاون المشترك والعلاقات المتميزة التي تربط البلدين.
كما عقد رئيس الأركان المصري الفريق محمود حجازي جلسة مباحثات مع نظيره الجيبوتي، تناولت سبل دعم التعاون وتعزيز العلاقات العسكرية بين القوات المسلحة لكلا البلدين في مختلف المجالات.
وحول رؤيته للموقف المصري من القضية اليمنية على ضوء المتغيرات الأخيرة، يشير اللواء محمود خلف، مستشار معهد ناصر للدراسات الاستراتيجية، إلى أن «موقف الرئيس المصري من شأنه دفع الموقف الاستراتيجي العربي بأكمله إلى الأمام فيما يخص الأوضاع في اليمن، من أجل إعادة الأوضاع إلى طاولة الحوار، كونها رسالة واضحة للحوثيين ومن يدعهم بأنه لا أمل لديهم في استمرار الأوضاع على ما هي عليه مهما تطلب الأمر».
وأكد اللواء خلف لـ«الشرق الأوسط» أن «إدارة الصراع تتطلب أن يكون التفكير هكذا، وباستخدام كل الأدوات وإظهار أنها متاحة.. فإذا كان الخصم يفكر في استخدام القوة؛ فلا بد من توجيه رسالة بأن هناك قوة أكثر قدرة يمكنها المواجهة وفتح السقف لكل الاحتمالات»، مضيفا أنه «يمكن أن نقول إن الرئيس السيسي يتمتع برؤية استراتيجية دقيقة وآمنة في ذات الوقت وليس مغامرا، وهو يرى أن الأخطار في المنطقة بعد الأحداث الأخيرة واضحة، ولا يمكن ترك إيران تقول إنها تسيطر على 4 عواصم عربية».
وتابع خلف أنه «بطبيعة الحال ووفقا للخلفية العسكرية، لا بد أن نكون مستعدين لأسوأ الاحتمالات أيا ما كانت وبأي ثمن.. ومنع الوجود الإيراني في جنوب شبه الجزيرة العربية قد يستلزم تضحيات وتدخلا، وهو ما يستوجب إرسال إشارة للجميع أن الخليج لا يقف وحده، وأن مصر معهم وجميع الاحتمالات مفتوحة. وهو مفهوم أكبر من قصره على التدخل البري».
ويؤكد اللواء خلف أن «الميليشيات وحدها لا تمثل شيئا، والمطلوب هو تجفيف مواردهم من السلاح والذخيرة، وتدمير مخازنهم.. وسياسة النفس الطويل معهم هي الأفضل، وهم نفسهم ليس طويلا، ومع الحصار الجوي والبحري سيستنفذون سلاحهم خلال أيام.. في غضون أسبوع إلى 10 أيام أخرى لن يصبح لديهم ذخيرة».
من جهته، يرى الخبير الاستراتيجي اللواء حسن الزيات أن حديث الرئيس السيسي هو «رسالة تطمين للشعب المصري، وأنه إذا حدث تدخل فلن يكون بالصورة التي حدثت في الستينات»، موضحا لـ«الشرق الأوسط»: «أعتقد أن التدخل البري في اليمن ما زال بعيدا، لأن التحالف العربي لم يستنفذ قواه في الضربات الجوية، وما زال أمامه بعض الأشياء الممكنة باستخدام تلك الضربات».
ويشير اللواء الزيات إلى أن «التدخل البري إذا حدث سيكون من خلال قوات كبيرة، لأن هناك قوات أخرى كثيرة تعمل على الأرض، من بينها الحوثيون وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح وقوات إيرانية، مما يعني أن التدخل بقوات خاصة محدودة لا ينفع، فإذا حدث تدخل سيكون بقوات مشاة أو مدرعات لتأمين الأوضاع على الأرض». موضحا أنه يعتقد أن مثل هذا التدخل إذا حدث «سيبدأ من الجنوب من عدن، ثم يمتد شمالا إلى صعدة حيث منطقة الحوثيين لتنظيفها».
من جانبه يرى الخبير الاستراتيجي الدكتور محمد مجاهد، نائب مدير المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، أن حضور رئيس الأركان المصري لاجتماع رؤساء الأركان في الرياض قبل يومين هو أمر طبيعي لاجتماع قوى التحالف المشاركة في عاصفة الحزم بعد انتهاء المرحلة الأولى منها، ربما كان الاجتماع للاتفاق على طبيعة العمل والتنسيق المشترك في المرحلة المقبلة.
وأوضح الدكتور مجاهد لـ«الشرق الأوسط» أن اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر ركز على عدة نقاط من بينها أنه «من الضروري والطبيعي، ومن مصلحة الأمن القومي المصري دعم الأمن في الخليج، ومساندة الدول الشقيقة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية في مواجهة الخطر الذي تستشعره من التطورات الجارية في اليمن».
ويرى مجاهد أن الموقف المصري من المشاركة البرية ربما يمكن أن تأتي لدعم السعودية وتأمينها، إذا احتاج الأمر لمساندتها، علما بأن السعودية لديها قدراتها وتحشد نحو 150 ألف جندي وضابط في مناطق الحدود.
وأشار مجاهد إلى أن «الواقع الحالي يقول إن عملية عاصفة الحزم تتم بنجاح بالضغط على الحوثيين وحلفائهم من أنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح أو القوات العسكرية التي تدين له بالولاء، لكن المشكلة الحالية في عدن، حيث اللجان الشعبية والقبائل التي تناصر الرئيس هادي أو تعادي الحوثيين لا توجد لها قيادة مركزية، وبالتالي فالعملية هناك لا تخضع لتوجهات واستراتيجية عمل لإيجاد البديل المؤهل بعد طرد الحوثيين من هناك، خاصة مع اختلاف أجندات المشاركين في المواجهة، ما بين الحراك الجنوبي والقبائل واللجان الشعبية ثم دخول (القاعدة) على الخط، واستفادتها من الفوضى العسكرية هناك.. وهذا هو أحد أبرز صعوبات العملية العسكرية في اليمن».
وأوضح أن هدف العمليات المطلوب هو كسر شوكة الحوثيين من أجل التخلي عن مبدأ الهيمنة السياسية على الدولة، والحيلولة دون زيادة النفوذ الإيراني في اليمن واستخدامه كورقة مساومة في ملفات أخرى أو على المستوى الإقليمي.
خبراء عسكريون: مصر تضع كافة الخيارات على الطاولة لردع داعمي الحوثيين
خبراء عسكريون: مصر تضع كافة الخيارات على الطاولة لردع داعمي...لبنان الجديد
NewLebanon
التعريفات:
مصدر:
الشرق الاوسط
|
عدد القراء:
803
مقالات ذات صلة
ديوان المحاسبة بين الإسم والفعل ( ٨ ) سفارة لبنان في...
الشاعر محمد علي شمس الدين يترجل عن صهوة الحياة الى دار...
ديوان المحاسبة بين الإسم والفعل (7) سفارة لبنان في...
ديوان المحاسبة بين الإسم والفعل (6) سفارة لبنان في المانيا...
65% من المعلومات المضللة عن لقاحات كوفيد-19 نشرها 12...
لبنان: المزيد من حالات وارتفاع نسبة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro