"عندما" هي ملصق الهمِّ والفقر والجوع والحرب والتبعية والإنقياد الأعمى ، بل ربما تكون من معلَّقات الدهر التي ترافق هموم المواطن العربي على وجه العموم ، والمواطن الإسلامي على وجه الخصوص...
تلك ملصقات ومعلقات على حيطان قصور الساسة والنواب والرؤوساء والمسؤولين ، وولاة الأمر من شيوخ وفقهاء ...
عندما لا يُسمح لك أن تنتقد ولي الفقيه والمرجع والقائد والرئيس ، أو تُبدي رأياً مخالفاً للسياسة الحزبية والدينية ،فلتعلم أنك عربي إسلامي....
عندما لا ترى الحل إلا في النص الديني وهو المخوَّل بالسيطرة على الحياة ، فعليك بالدعاء لأنك عربي إسلامي....
عندما ترى المقاهي تكتظ ليلاً ونهاراً ، سرَّاً وجهاراً ، ولا يُقرأ إلا كتاباً واحداً ، قال الرئيس وقال المفتي، فلتعلم أنك عربي إسلامي...
عندما ترى تسمية رجال الدين بعلماء الأفلاك والنجوم ، والسماوات السبع والأرضين السبع ، تأكد تماماً أنك إسلامي عربي...
عندما لا ترى إلا صورة زعيمٍ أو رئيسٍ أو قائدٍ في الشوارع وعلى الأعمدة ، وهو الذي لا يموت ، ويا ويل للأمة من بعده، قطعاً أنت تعيش في إسلامٍ عربيٍّ...
عندما ترى الحاكم إلهاً مقدَّساً لا يتنحَّى عن الحكم والسلطة ، وينادي بشعار الديموقراطية والحرية ، فلا تحزن كثيراً ، فأنت عربيٌّ إسلامي...
عندما ترى شيوخ الدين يحفرون في تجاويف التاريخ ليكفروا بعضهم بعضاً ، فلا تتعجَّب !
رويدك رويدك ، فأنت يقيناً عربي إسلامي....عندما ترى الجماهير تصفِّق وتهتف بالروح بالدم نفديك ، وتنتظر إن عطس الرئيس هتفوا له بطول العمر، فلا تحزن ولا تيأس ، إنك إسلامي عربي....
عندما ترى الغش والخداع والكذب ونهب مقدرات الشعب وتكديس الأموال للأسرة الحاكمة ، إفرح أنت عربيٌّ إسلامي....عندما ترى نوَّاب الأمة معيَّنون وغير ملتزمين بالقوانين الدستورية ، يُمدِّدون ويعطِّلون ، فلا غرابة في ذلك ، أنت تعيش عربياً إسلامياً...
عندما ترى الزعماء والقادة يهذِّبون ربطات العنق ، ولا يهذِّبون الألسن ، ويقفز بعضهم على بعض، فيما خلى بعض الذين لا يحبون أن يخالفوا شرع الله على قنوات الشاشات ويخالفونه في أمورٍ أخرى ،هنا بلدَّ إسلامي عربي.....
عندما ترى القادة والزعماء والنواب والمسؤولين ،لا يضطر الواحد منهم إلى دفع ثمن صفيحة بنزين له ولمرافقيه ولمواكبيه ، ولا يضيع وقته في زحمة سيرٍ ، ولا يعرف الذل على باب وزارة أو مشفى ، ولا يعاني فقراً أو جوعاً ، فاعلم أنك عربي إسلامي..
عندما ترى الزعماء والأحزاب متفقين على حسابات الرياضيات ، والشعب يختلف على حساب التاريخ والجفرافيا، أنت عربيٌّ إسلاميٌّ....
عندما تجد الجرائد والصحف في أفران الخبز والكعك ، ويُلفُّ بها مناقيش الزعتر ، فلا غرابة في ذلك ، لأنك إسلامي عربي...
عندما تكون الوظيفة في المسجد والمعبد والكنيسة ، أهم من الفساد المالي وأهم من حاجات الناس وهمومهم ومعاناتهم ، وأهم من القتل والموت والتهجير ، فأنت عربي إسلامي....وهكذا عندما، وعندما ، وعندما ، هي ملصقٌ أبديٌّ دهريٌّ منذ الولادة ، وحتى القبر.