منذ توليه وزارة الخارجية، قلص الوزير محمد جواد ظريف قبل 18 شهراً حتى الايام الاخيرة أعماله كوزير واكتفى بأداء دور كبير المفاوضين الايرانيين في المفاوضات النووية، للدخول في لقائات ومحادثات طويلة مع نظرائه الستة، نظراً لأهمية تلك المفاوضات التي أثمرت في الخميس الماضي وترك باقي الشؤون الى معاونيه، وخاصة في شؤون الشرق الأوسط التي يديرها حسين امير عبداللهيان، وكان لافتاً بأنه يتصرف ليس كمعاون لوزير الخارجية، بل كوزير خارجية إيران في الشرق الأوسط وأفريقيا. وأظهر أول تصريح للظريف من لوزان، بعد التدخل االعسكري للمملكة السعودية في اليمن، بأنه كان واثقاً لمعاونه أمير عبداللهيان أكثر من اللازم.
بغض النظر عن أنه ليس هناك ما يبرر تدخل التحالف العسكري بقيادة السعودية في اليمن، وأن عاصفة الحزم كانت خطأ استراتيجيا ارتكبته السعودية، ولكن ما يثير الاستغراب عند الخبراء الايرانيين، هو تأخر الأجهزة الأمنية والدبلوماسية عن تلك الأحداث وإخفاقهما في توقعها أو الحؤول دون وقوعها, كانت إيران تتمكن من إقناع الحوثيين بقواعد الحكمة والتدبير، وعدم التقدم نحو عدن أو المبادرة بالمناورة في الحدود المشتركة مع السعودية، مما أثارت غضبها.
فكان من السهل جداً التوقع بأن السعودية لن تقف في موقع المتفرج، إزاء ما تعتبرها تهديداً لأمنها القومي. وامتد أخطاء الإيرانيين أمنيا ودبلوماسيا، الى بعد إطلاق عاصفة الحزم، حيث كانوا يُظهرون من خلال مواقفهم وكأن اليمن، محافظة إيرانية تعرضت للغزو السعودي، بينما الحقيقة هي أن الحوثيين، اصابهم الزهو والغرور، بعد السيطرة على العاصمة صنعاء، بالرغم من أنهم كانوا حريصين على عدم إثارة هلع المواطنين، عبر تصرفات طائفية، ولكنهم ارتكبوا خطأ كبيراً بالتمدد نحو عدن، بدل البقاء في صنعاء والذهاب نحو التفاوض، مع منافسيهم.
إن الخلل التي شهدتها الدبلوماسية الايرانية في الأيام الأخيرة في الشرق الأوسط، بالرغم من نجاحها الدولي خلال المفاوضات النووية، تتطلب عودة الوزير محمد جواد ظريف، إلى تلك المنطقة، وإشرافه المباشر.
وذلك لما يملكه الرجل من الحنكة والحذر واللغة الدبلوماسية الراقية، فمن مهام الدبلوماسية الرئيسية هي الحؤول دون وقوع الحرب والاشتباك العسكري، وهذا ما أجاده الوزير ظريف في لوزان، فما ذا عن اليمن؟