لم تقدم قرارات مؤتمر الدول المانحة في الكويت الكثير الى لبنان، فالحاجات أكبر بكثير من المبالغ المرصودة، في مجتمع يعاني أصلاً من آفات الفقر والحرمان وانعدام خطط التنمية الواقعية. والاطلاع على خريطة المناطق الأكثر فقراً في لبنان يظهر أرقاماً مخيفة عن "السكان الضعفاء" كما تصفهم الامم المتحدة والذين يتوزعون على مناطق لبنانية عدة مناصفة، بين مليون ونصف مليون لبناني "ضعيف" ومليون ونصف مليون لاجئ سوري. والحال أن عدد سكان لبنان ارتفع بشكل حاد وازداد بنسبة 30 في المئة منذ آذار 2011، ليرتفع تدريجاً عدد الفقراء في لبنان بمقدار الثلثين مع كل الآثار المترتبة على هذا الامر سواء على مستوى البطالة أم أوضاع العائلات والاطفال ونظام التربية وغيره من القطاعات.
تظهر دراسة للامم المتحدة، عن الارقام المتوقعة للعام 2015 زيادة في عدد سكان لبنان ليصبحوا 5,9 ملايين نسمة أي ما يقارب الستة ملايين، منهم 3,3 مليون شخص محتاج و1,8 مليون لاجئ سوري وفلسطيني بحكم الامر الواقع، يضاف اليهم الكثير من السوريين غير المسجلين لأسباب عدة. وتحتاج هذه الكتلة البشرية الى 2,14 ملياري دولار لتمويل معيشتهم. في حين تعتبر الدراسة تحت عنوان "الحاجات ذات الاولوية" ان 29 في المئة من اللاجئين السوريين والفلسطينيين غير قادرين على تلبية حاجات البقاء الخاصة بهم، فيما يفتقر ثلثهم تقريباً الى وثائق الاقامة القانونية ما يحد من قدرتهم على تأمين رفاهيتهم الخاصة، والمقصود بالرفاهية سبل العيش.
وتظهر خريطة توزع اللاجئين واللبنانيين الاكثر ضعفاً، أن ثمة مليوني شخص يوصفون بالضعفاء ويتواجدون في 242 منطقة عقارية موزعة على كل لبنان من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب مروراً بسهل البقاع والعاصمة بيروت ومحيطها، ويعيشون جميعاً وسط تدهور خطير وسريع على صعيد التوترات الاجتماعية والفقر بما يفوق قدرة الدولة والمؤسسات والبنى التحتية على تلبية الحاجات المتعاظمة. ويتوزع هؤلاء "الضعفاء" او الفقراء بين 86 في المئة لاجئين سوريين و68 في المئة لبنانيين. لكن الاسوأ ان نسبة أرتفاع أعداد الفقراء في لبنان بلغت 61 في المئة منذ العام 2011.
تستند المعلومات الواردة في التقرير الى دراسات التوزع السكاني الصادرة عن مجلس الانماء والاعمار، ودراسات برنامج الامم المتحدة الانمائي العام 2008، والتي تظهر أن 28,55 في المئة من سكان لبنان يعيشون بأقل من اربعة دولارات يومياً، إضافة الى خريطة انتشار اللاجئين والتي يتم تحديثها باستمرار من الهيئة العليا لشؤون اللاجئين في الامم المتحدة.
ومن ابرز المناطق الاكثر فقراً، الضواحي الجنوبية والشرقية للعاصمة بيروت، وطرابلس ووادي خالد واقصى مناطق عكار المتاخمة للمناطق السورية، وعرسال وجرودها الى القاع ومنطقتها، ومنها ضواحي مدينة صور وصيدا، والمقصود المخيمات الفلسطينية وأحزمة البؤس المدنية، اضافة الى بقع متفرقة في البقاعين الاوسط والغربي وبعلبك. ويبلغ معدل "الضعفاء" فيها 49 في المئة سوريين مقارنة مع 38 في المئة من اللبنانيين الفقراء.
أما المناطق الثانية الاكثر ضعفاً والتي يتوزع فيها "الضعفاء" بين 19 في المئة سوريين مقابل 12 في المئة لبنانيين فتشمل أنحاء من عكار ومحيط طرابلس، الى بعلبك الهرمل، والبقاع عموماً ومنه الى ضواحي بيروت وشبعا والنبطية وضواحي صور والشوف الساحلي.
وفي توقعات الدراسة أن عدد اللاجئين السوريين المسجلين لدى الامم المتحدة بصفتهم لاجئين تحت خط الفقر يبلغ 720 الفاً، واللاجئين السوريين المسجلين فوق خط الفقر يبلغ عددهم 780 الفاً. في حين يبلغ عدد اللبنانيين تحت خط الفقر 1,5 مليون وعدد اللبنانيين فوق خط الفقر 2,5 مليون نسمة. اضافة الى 178,200 لاجئ فلسطيني تحت خط الفقر و91,800 لاجئ فلسطيني فوق خط الفقر.
(بيار عطالله)