لقد تمادت إيران كثيرا في الاستخفاف بدول المنطقة العربية ومضت بعيدا في الاستفزاز لدرجة أصبحت الدول العربية وكأنها مشاع متروك أمام الطموحات الإيرانية وهذا ما دفع بأحد مسؤوليها للقول أننا نسيطر على أربع عواصم عربية هي بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء وأن بغداد عاصمة لامبراطوريتنا والذي لم يعد ينفع واطماع إيران لم تعد تقف عند حدود. فطهران كانت تسعى وهذا لم يعد سرا إلى إكمال الطوق حول المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي وحصرهم بين فكي كماشة الأول شمالا في باب المندب والثاني جنوبا في مضيق هرمز وذلك في الوقت الذي تستكمل امساكها بالوضع في العراق وتضع كل ثقلها العسكري والأمني والسياسي لاطالة عمر النظام السوري وصولا إلى شاطئ البحر الأبيض المتوسط عبر هيمنة حزب الله على الوضع اللبناني ومصادرته لقراره.
من هنا كانت السرعة في تلبية دعوة الشرعية اليمنية بتشكيل تحالف عربي واسلامي قادته المملكة العربية السعودية تحت إسم عاصفة الحزم لضرب الحوثيين المدعومين من إيران والحد من امتدادهم وانتشارهم على الأراضي اليمنية بعد أن تمكنوا من الانتقال بقواتهم العسكرية من الشمال اليمني إلى جنوبه في محاولة للأطباق عليه والإمساك لقراره ليتسنى لهم دق باب المندب.
وعاصفة الحزم بقدر ما كانت سريعة النشأة فإنها كانت مفاجئة للجميع وخصوصا لإيران ومربكة لها سيما وأن توقيتها جاء في لحظة ايرانية حرجة وفي الأيام الأخيرة للمفاوضات النووية. والمملكة العربية السعودية تحاول من خلال قيادتها لهذا التحالف العربي والإسلامي التأسيس لاستراتيجيا تعيد رسم قواعد التوازن في المنطقه على اسس تضمن إحترام هيبة القانون وحرمة السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة وبالتالي فإن عاصفة الحزم هي انعطافا لإعادة ضبط الواقع الاقليمي وإعادة تحديد الأدوار والأوزان بعد التهديد الإيراني للنظام الأمني الاقليمي والتمادي في استضعاف الدول العربية التي انفجرت شعوبها في ما يشبه البركان من الغضب والاستياء في وجه الغطرسة الإيرانية منذ اللحظة الأولى لانطلاق عمليات العاصفة والبدء بالغارات الجويه للدول المشاركة فيها مستهدفة المواقع العسكرية للحوثيين المنتشرة على كافة الأراضي اليمنية.
وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل كان واضحا حين قال لسنا دعاة حرب لكننا جاهزون لها وهذا يعني أنه يكفي عبثا بأمن المنطقة والتلاعب بالشؤون الداخلية لأي دولة.
وعليه فإن الدعوات الإيرانية للعودة إلى الحوار حول اليمن وإيقاف العمليات العسكرية لم تكتسب أي بعد إيجابي سيما وأن هناك إصرار عربي واسع وحاسم للمضي في عاصفة الحزم حتى تحقيق أهدافها.
والحل لن يكون بأقل من بناء توازن جديد في المنطقة يحد من طموحات إيران بتصدير ثورتها إلى خارج الحدود