مع ارتفاع لهجة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط في معارضته لمواقف "حزب الله" في شان الحدث اليمني المتدحرج ومع علو خطابه حيال ايران وسياستها والتي اطلق عليها تسمية "جمهورية فارس الاسلامية" بديل اسمها الحالي واخيرا وليس اخرا مجاهرته في تأييد مواقف رئيس الحكومة تمام سلام في قمة شرم الشيخ العربية برز بالحاح السؤال عن مستقبل العلاقة بينه وبين "حزب الله " وعن احتمال فتح ابواب السجال الاعلامي والسياسي بينهما في قابل الايام ولاسيما ان الحزب اخذ مبادرة الرد على منتقديه اخيرا؟

 

لم يعد جديدا القول لمن يرصد مسار هذه العلاقة منذ ان قرر جنبلاط الخروج نهائيا من صفوف فريق 14 اذار في صيف عام 2009 واعلانه الانحياز الى الموقف الوسطي ان ثمة صيغة علاقة تفاهمية نسجت خيوطها بدقة متناهية بين الطرفين قوامها ان رئيس "اللقاء الديموقراطي" ملتزم داخليا بالحفاظ على التوازن بين فريقي 8 و14 اذار وعدم اخذ مواقف طرفية من شأنها الحاق الضرر بثوابت الحزب المعروفة في مقابل ان يكون متحررا تماما في سياسته تجاه القضايا والتطورات الاقليمية. ولقد تجلى الطرف الاخر من هذه المعادلة بالمواقف الحادة التي اطلقها زعيم المختارة من النظام في سوريا بعد اشتعال فتيل الازمة هناك.

 

 

 

على معادلة هذا الخيط الرفيع سار جنبلاط طوال الاعوام الماضية يوازن بين اطلاق انتقادات "مرنة"نسبيا لاداء الحزب وهجمات حادة على سياسة طهران الخارجية من جهة وبين انتقاد "ملطف "لفريق 14 اذار من دون ان ينسى ابدا اطلاق الدعوة الى حوار بين التيار الازرق وصاحب الراية الصفراء كعنوان من عناوين الاستقرار الداخلي.

 

ولكن الواضح ان تلك المعادلة قد اصابها الاهتزاز الواضح وفي شكل غير مسبوق خلال الاونة الاخيرة ولاسيما ان جنبلاط قرر الذهاب الى ابعد الحدود في الدفاع عن موقف الرياض من الحدث اليمني وفي الانتقاد الحاد لما اسماه" التمدد الفارسي".

 

وعليه فان السؤال الذي بات يفرض نفسه الان هو هل يمضي جنبلاط قدما في مواقفه التصعيدية ويتجاوز الخطوط الحمر الى درجة استدراج سجال مفتوح مع الحزب فيفضي ذلك الى الى كسر المألوف من المعادلات والتفاهمات الدقيقة مع الحزب؟

 

تدل كل المؤشرات والمعطيات المتوافرة والمستقاة من اكثر من مصدر ان جنبلاط ليس في وارد ولوج عتبة مرحلة القطيعة مع الحزب .والتجارب السابقة المماثلة اظهرت ان جنبلاط حريص على عدم حرق المراكب مع الحزب ويعرف في المقابل كيف يعود الى الحدود المعقولة والمقبولة بعدما يكون قد تخطاها احيانا وفق الحاجة والضرورة وطبيعة الحدث . وفي المقابل فان الحزب ما زال قادرا على ضبط نفسه واستخدام رصيده من الصبر وتقبل انتقادات جنبلاط ما دامت هذه الانتقادات لا تمس ثوابت الحزب الداخلية خصوصا ان الحزب لا يزال على تمسكه باستمرار الحكومة الحالية وبادامة حواره مع التيار الازرق كمدخل لازم لاستقرار الساحة الداخلية وهو الهدف الاساسي المعلن عنه للحزب.

 

ولكن قيل سابقا " ان للصبر حدودا".