مجموعة من الاحداث طغت على المشهد السياسي والأمني في المنطقة وكان الحدث اليمني الحدث الأبرز حيث استحوذ على الاهتمام العربي والدولي , كما يشهد ملف التفاوض النووي بين ايران والدول الخمس تطورات مهمة بشأن عملية التفاوض ومن شأن ذلك كله أن يؤثر على الملفات الداخلية اللبنانية على أكثر من صعيد.
هذه الملفات وغيرها حملناها الى رئيس المركز العربي للحوار سماحة الشيخ عباس الجوهري وكان هذا اللقاء .
كيف ينظر سماحة الشيخ إلى تطورات المشهد اليمني وما هي بتقديركم تأثيرات هذا المشهد على الاوضاع في المنطقة؟
المشهد السياسي اليوم يقفز الى واجهة الاحداث ومن المتوقع أن نتائجها سوف تفرض ترتيبا جديدا لأوراق اللاعبين في المنطقة وخصوصا بعد التحول الذي سيحدثه إتفاق الإطار الذي يجري إعداده بين ايران والمجتمع الدولي وتحديدا بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية وسيؤدي هذا الحدث الى تغييرات جديدة في مشهد الجغرافيا السياسية في ظل الحديث الامريكي الايراني والغزل المتبادل والشروع في الدخول في شهر عسل بدأت ملامحه بالظهور .
وهنا ظن الإيراني أن مهره في هذا القران الجديد مع الولايات المتحدة الامريكية توسعا جنوبا وغربا يعني العراق واليمن بعدما انخفض منسوب الاعتراض على التدخل الايراني في سوريا او كاد يلامس الرضا في التدخل حربا على الارهاب , وأعتقد في هذا المجال أن كلفة صداقة إيران مع أمريكا أكبر بكثير من كلفة عدائها ففي موقف العداء لا تستطيع أن تقصي إيران العدو وأما في الصداقة فإن المخاطر والأفخاخ تلامس أقدام العشاق الجدد.
وإذا ما رجعنا الى الاشهر الماضية نلاحظ انتفاخ خلايا الاحلام الحوثية على أنغام الصمت الامريكي هذا الصمت الذي أوقع الجميع في هاوية الاستنزاف فانطلق الحوثي بحلفه مع الديكتاتور البائد الذي يبحث عن امجاد فقدها في اليمن بعد جحود لجهود المملكة السعودية والعرب بتسوية حفظت له دوره ولو بالواسطة , هذه الاجواء أوهمت الايراني والحوثي أن السقف عال للتوسع إلى صنعاء ومن ثم إلى عدن للإطاحة بكل النظام بانقلاب شبه عسكري وشبه دموي , وفي هذه اللحظة كان الايراني يستعرض إنجازاته في تكريت برضى الامريكي وأصبح شريكا فعليا مع المجتمع الدولي في الحرب على الارهاب , ومن أكواب الشاي في تكريت استفاق العرب على أنغام حديث يونسي في استرجاع مجد الامبراطورية الفارسية ووضعوا أيديهم بأيدي بعض التي كانت الى الامس القريب في تباعد و تناحر فتحولت الى وفاق واتفاق على الخطر الفارسي القادم وهنا لا بد للعرب أن يشبكوا أيديهم بأيدي بعض حفاظا على وجودهم ودرء الخطر الفارسي والاحلام الايرانية بالعودة الى شرطي الخليج. ومن هنا كان لا بد للخاملين والنائمين أو المعتزلين بإرادة وبقرار من أن يهبوا هبة رجل واحد لاسترجاع شرف العروبة والتي تكاد تتمزق تحت مطرقة الفرس وسندان اسرائيل.
وأما في نتائج هذه المعركة فهي ستكون حسما مؤجلا ليس للبعيد ويستطيع العرب من خلالها التقدم خطوة الى الامام لاسترجاع الحضور والهيبة , واعتقد ان انحسار الحوثي الى صعدة وتركه بؤرة للتوتر قاب قوسين أو أدني.
هل سيكون هناك انعكاسات على المشهد السياسي والأمني في لبنان جراء هذه الأحداث ؟
في سياق ما ذكرنا فإنه من المفروض أن لاندلاع الاحداث في اليمن تأثيرا على الاحداث في لبنان مع أن اللبنانيين استعجلوا في الاصطفاف واتخذوا خنادقهم مع المتحاربين في اليمن فمن داعم للتحالف العربي الى واصف لهذه الحرب بالعدوان وأعني بذلك حزب الله الذي أكاد أجزم بأنه استعجل التقدير وهذا ما كشفه بالادلة الدامغة أنه متورط في محور يبدأ في طهران ولا ينتهي في فلسطين وأنه جزء من التركيبة الايرانية ومصالح هذا النظام الذي يقدم اولوياته على الهم اللبناني الداخلي.
وإذا كانت المبررات التي ساقها حزب الله لدخوله الى سوريا مقبولة عند فريق من اللبنانيين غير المكون الشيعي فإن الذهاب الى اليمن لن يستطيع أحد أن يجاري به حزب الله ممن يقفون معه في خندق واحد .
بتقديركم هل كان خطاب السيد حسن نصر الله يسهم في تهدئة التصعيد أم أن هناك المزيد من تأجيج الصراعات في المنطقة ؟
أعتقد أن السيد نصر الله أخفق كثيرا في تقدير الموقف إزاء أحداث اليمن وما خروجه الواضح بالصورة التي خرج عليها إلا خير دليل إلى أنه انزلق إلى فكرة الجماعة بالمعنى الأخص وانحاز الى فريق لا يميزه عن الفريق الآخر في اليمن إلا التبعية الايرانية.لم يكن اليمنيون مختلفون على ما يختلف عليه اللبنانيون ولم يكون مختلفين على ما اختلف عليه النظام السوري ومعارضوه وإنما اختلف اليمنيون على السلطة وكان الدافع هو الشهوة الى السلطة بغض النظر عن الشعارات التي لا يصل صداها الى فلسطين ولا لقضية الصراع العربي الاسرائيلي ولا لأي شماعة من الشماعات التي تعود أن يستعملها كل من يخفي حبه للسلطة ويظهر ترفه أمام القضية القومية والوطنية الكبرى. في الملف السوري هناك انتصارات جديدة تحققها الثورة على الارض في ظل التعنت الدائم للنظام ما هي آخر المستجدات على هذا الصعيد ؟ في الملف السوري لا شك أن المرحلة السابقة كان فيها مشاريع خلافية متعددة على الارض والتي كان عنوانها الخلافات السعودية والقطرية من جهة والسعودية التركية من جهة أخرى وكان الجميع ظهيرا للمعارضة وادت هذه الخلافات الى تبعثر جهود الثوريين وعدم تقديم اي انجاز ما مكن النظام من الاستفادة من روح التناقض هذه , وأما مع ملامح التوافق العربي العربي والعربي التركي يمكن أن يكون المؤشر على هذا الانجاز ما حصل شمالا في إدلب وجنوبا في درعا وهذا من شأنه أن يكون بشارة بإطباق فكي الكماشة على ما تبقى من قوة النظام.